للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر ابنُ خُوَيْزمَنْداد قال: الصَّعِيدُ، عِندَنا، وجهُ الأرضِ، وكلُّ أرضٍ جائز التَّيمُّمُ عليها، صَخْرًا كانت، أو مَعدِنًا، أو تُرابًا. قال: وبذلك قال أبو حنِيفةَ، والأوزاعِيُّ، والثَّورِيُّ، والطَّبرِيُّ. قال: ويجُوزُ التَّيمُّمُ عِندَ مالكٍ على الحشِيشِ، إذا كان (١) دُونَ الأرضِ. واختلفتِ الرِّوايةُ عنهُ في التَّيمُّم على الثَّلج، فأجازَهُ مرَّةً، ومنعَ منهُ أُخرى. قال: وكلُّ ما صعِدَ على وجهِ الأرضِ، فهُو صَعِيدٌ.

ومن حُجَّتِهِ في ذلك، قولُ الله عزَّ وجلَّ: {صَعِيدًا جُرُزًا} [الكهف: ٨] يعني: أرضًا غلِيظةً لا تُنبِتُ شيئًا، و: {صَعِيدًا زَلَقًا} [الكهف: ٤٠]. وقال رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "يُحشرُ النّاسُ على صَعِيدٍ واحِدٍ" (٢). أي: أرضٍ واحِدةٍ.

وقال الشّافِعيُّ (٣) وأبو يُوسُف وداودُ: الصَّعِيدُ: التُّرابُ. ولا يُجزِي عِندهُمُ التَّيمُّمُ بغيرِ التُّرابِ.

وقال الشّافِعيُّ (٤): لا يقعُ صعِيدٌ إلّا على تُرابٍ ذي غُبارٍ، فأمّا الصَّحراءُ الغلِيظةُ والرَّقِيقةُ، والكَثِيبُ الغلِيظُ، فلا يَقَعُ عليه اسمُ صعِيدٍ.

وقال أبو ثورٍ: لا يُتيمَّمُ إلّا بتُرابٍ، أو رملٍ.

قال أبو عُمر: أجمَعَ العُلماءُ على أنَّ التَّيمُّمَ بالتُّرابِ ذي الغُبارِ جائزٌ.

وقال رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "جُعِلَتْ لنا الأرضُ مَسْجدًا، وتُربتُها طَهُورًا" (٥). وهُو يَقْضِي على قولِهِ: "مَسْجدًا وطهُورًا". ويُفسِّرُهُ، والله أعلمُ.


(١) في د ٢: "حال".
(٢) أخرجه إسحاق بن راهوية (٢٣٠٥)، والبيهقي في شعب الإيمان (٣٢٤٤) من حديث أسماء بنت يزيد.
(٣) انظر: الأم ١/ ٦٧، ومختصر اختلاف العلماء ١/ ١٤٦.
(٤) الأم ١/ ٦٧.
(٥) سيأتي بإسناده لاحقًا، وانظر تخريجه في موضعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>