للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال غيرُهُ: لمّا ذكرَ الله عزَّ وجلَّ إلى المِرفقينِ في الوُضُوءِ، اسْتَغنَى عن ذِكرِ ذلك وتَكرِيرِهِ في التَّيمُّم، كما أنَّهُ لمّا اشترطَ المَسِيس في تحرِيرِ الرَّقبةِ على المُظاهِرِ وفي صِيامِهِ، حيثُ قال: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: ٣] اسْتَغنى عن ذِكرِ ذلك واشتِراطِهِ في الإطعام، لأنَّهُ بَدَلٌ منهُ، وحُكمُ البَدلِ، حُكمُ المَبْدُولِ منهُ، فالسُّكُوتُ عن ذلك اكتِفاءٌ، والله أعلمُ.

قال أبو عُمر: لمّا قال الله عزّ وجلّ في آيةِ الوُضُوءِ: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ} [المائدة: ٦] وأجمعُوا أنَّ ذلك ليسَ في غَسْلةٍ واحِدةٍ، وأنَّ غَسْلَ الوجهِ، غيرُ غسلِ اليَدَينِ، فكذلك يجِبُ أن تكونَ الضَّربةُ في التَّيمُّم للوَجهِ، غير الضَّربةِ لليدينِ قِياسًا، والله أعلمُ، إلّا أن يصِحَّ عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - خِلافُ ذلك، فيُسلَّم لهُ، وكذلك البُلُوغُ إلى المِرفقينِ، قِياسًا على الوُضُوءِ، إن لم يَثبُت خِلافُهُ عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -.

واختَلَفُوا في الصَّعِيدِ:

فقال مالكٌ وأصحابُهُ: الصَّعِيدُ وَجْهُ الأرضِ، ويجُوزُ التَّيمُّمُ عِندَ مالكٍ بالحَصْباءِ، والجبلِ، والرَّملِ، والتُّرابِ، وكلِّ ما كان وجه الأرضِ (١).

وقال أبو حنِيفةَ وزُفرُ: يجُوزُ أن يَتيمَّمَ بالنُّور، والحَجَرِ، والزِّرنيخ، والجِصِّ، والطِّينِ، والرُّخام، وكلِّ ما كان من الأرضِ (٢).

وقال الأوزاعِيُّ: يجُوزُ التَّيمُّمُ على الرَّملِ (٣).

وقال الثَّورِيُّ وأحمدُ بن حنبل: يجُوزُ التَّيمُّمُ بغُبارِ الثَّوبِ، واللِّبدِ (٤).

ولا يجُوزُ عِند مالكٍ بغُبارِ اللِّبدِ والثَّوبِ.


(١) انظر: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ١/ ١٤٦، والأوسط لابن المنذر ٢/ ١٥٥ وما بعدها.
(٢) كذلك.
(٣) كذلك.
(٤) انظر: مختصر اختلاف العلماء ١/ ١٤٦، والاستذكار ١/ ٣٠٩. وانظر فيه أيضًا ما بعده.

<<  <  ج: ص:  >  >>