للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وابنُ عُليَّةَ: إذا وجدَ الماءَ، أو رآهُ، وهُو في الصَّلاةِ، قطعَ وخرجَ إلى استِعمالِهِ في الوُضُوءِ، أو في الغُسلِ، واستقبلَ صلاتهُ (١).

وحُجَّتُهُم: أنَّ التَّيمُّمَ لمّا بطلَ بوُجُودِ الماءِ قبلَ الصَّلاةِ، كان كذلك في الصَّلاةِ، لأنَّهُ لمّا لم يجُز لهُ عَملُها بالتَّيمُّم مع وُجُودِ الماءِ، كان كذلك لا يجُوزُ لهُ عملُ ما بَقِي منها مع وُجُودِ الماءِ، وإذا بطلَ بعضُها، بطلت كلُّها.

واحتجُّوا أيضًا بالإجماع على المُعتدَّةِ بالشُّهُورِ، لا يبقى عليها منها إلّا أقلُّها، ثُمَّ تحِيضُ، أنَّها تستقبِلُ عِدَّتها بالحَيْضِ. قالوا: والذي يَطْرأُ عليه الماءُ وهُو في الصَّلاةِ كذلك.

وللفرِيقينِ ضُرُوبٌ من الحُجَج في هذه المسألةِ يَطُولُ ذِكرُها.

وفي هذا الحديثِ: التَّيمُّمُ في السَّفرِ. وهُو أمرٌ مُجتَمعٌ عليه.

واختَلَف العُلماءُ في التَّيمُّم في الحَضَرِ، عِند عدَم الماءِ: فذهَبَ مالكٌ (٢) وأصحابُهُ، إلى أنَّ التَّيمُّم في السَّفرِ والحَضَرِ سواءٌ، إذا عُدِم الماءُ، أو تعذَّر استِعمالُهُ لمرَضٍ، أو خوفٍ شدِيدٍ، أو خوفِ خُرُوج الوَقْتِ. وهذا كلُّهُ قولُ أبي حنِيفةَ، ومحمدٍ (٣).

وحُجَّتُهُم: أنَّ ذِكرَ الله تعالى المرضَى والمُسافِرِينَ في شرطِ التَّيمُّم، خرجَ على الأغلبِ فيمَنْ لا يجِدُ الماءَ، والحاضِرُونَ الأغلبُ عليهِم وُجُودُ الماءِ، فلذلك لم يَنُصَّ عليهِم، فإذا لم يجِدِ الحاضِرُ الماءَ، أو منَعهُ منهُ مانعٌ، وجبَ عليه التَّيمُّمُ للصَّلاةِ، ليُدرِكَ وقتَها؛ لأنَّ التَّيمُّم عِندَهُم إنَّما وردَ لإدراكِ وَقتِ الصَّلاةِ، وخَوفِ فوتِهِ، وكذلك أمرَ


(١) انظر: المبسوط للشيباني ١/ ١٠٦، والاستذكار ١/ ٢١٤ - ٢١٥. وانظر فيه أيضًا ما بعده.
(٢) انظر: المدونة ١/ ١٤٦
(٣) انظر: المبسوط للشيباني ١/ ١٠٦، والاستذكار ١/ ٢١٥،

<<  <  ج: ص:  >  >>