للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر عن أبي ثابتٍ، عن ابنِ القاسم، قال (١): ولقد سألتُ مالكًا عن الرَّجُلِ يُزوِّجُ ابنهُ البالِغ، المُنقطِع عنهُ، أوِ ابنتهُ الثَّيِّب، وهي غائبةٌ عنهُ، فيَرْضيانِ بما فعلَ أبوهُما، فقال مالكٌ: لا يُقامُ على هذا النِّكاح، وإن رَضِيا، لأنَّهُما لو ماتا، لم يكُن بينهُما مِيراثٌ.

قال (٢): وسألتُ مالكًا عن الرَّجُل زوَّجَ أُختهُ، ثُمَّ بلَّغَها، فقالت: ما وكَّلتُ، ولا أرْضَى، ثُمَّ كلِّمت في ذلك، فرضِيت. قال مالكٌ: لا أراهُ نِكاحًا جائزًا، ولا يُقامُ عليهِ، حتَّى يَسْتأنِفا نِكاحًا جدِيدًا، إن أحبَّت.

وقال الشّافِعيُّ (٣) وأحمدُ بن حنبل: ومن زوَّج ابنتهُ الثَّيِّب بغيرِ أمرها، فالنِّكاحُ باطِلٌ، وإن رَضِيَتْ. قال الشّافِعيُّ: لأنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لم يَقُل لخَنْساءَ: إلّا أن تُجِيزِي.

قال أبو عُمر: ليسَ في حديثِ مالكٍ في هذا البابِ ذِكرُ من (٤) كانَتْ خَنْساءُ تحتهُ، حِينَ آمَتْ منهُ، ولا منِ الذي زَوَّجها منهُ أبوها، فكَرِهتهُ، ولا إلى من صارَتْ بعد ذلك.

وكانت خَنْساءُ هذه تحت أُنيسِ بن قَتادةَ، فآمَتْ منهُ، قُتِلَ عنها يوم أُحُدٍ، فزوَّجها أبوها رَجُلًا من بني عَوْفٍ فكرِهتهُ، وشكَتْ ذلك إلى رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فردَّ ذلك التَّزوِيج، ونكحَتْ أبا لُبابةَ بن عبدِ المُنذِرِ.

قرأتُ على خلفِ بن القاسم، أنَّ أبا عليٍّ سعِيدَ بن السَّكنِ حدَّثهُم، قال: حدَّثنا عبدُ الله بن محمدِ بن عبدِ العزيزِ البَغوِيُّ، قال: حدَّثنا عبدُ الله بن عُمر بن أبانٍ الجُعفِيُّ، قال: حدَّثنا عبدُ الرَّحِيم بن سُليمانَ، عن محمدِ بن إسحاقَ، عن حجّاج بن


(١) تنظر: المدونة ٢/ ١٠٢.
(٢) المدونة ٢/ ١٠٢.
(٣) انظر: الأم ٥/ ١٩، ومسائل أحمد وإسحاق بن راهوية ٤/ ١٤٧٠ (٨٥٨).
(٤) في م: "من".

<<  <  ج: ص:  >  >>