للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخِياطَ قد يكونُ الخُيُوطُ، وقد يكونُ الخِياطُ والمِخيطُ، بمعنًى واحِدٍ، وهي الإبرةُ. ومنهُ قولُ الله عزَّ وجلَّ: {حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} [الأعراف: ٤٠]. يعني: ثُقب الإبرةِ.

ولا خِلافَ أنَّ "المِخيَط" بكسرِ المِيم: الإبرةُ.

وقال الفرّاءُ (١): يُقالُ: خِياطٌ ومخِيطٌ، كما قيل: لحافٌ ومِلْحَفٌ، وقِناعٌ ومِقْنَعٌ، وإزارٌ ومِئزَرٌ، وقِرامٌ (٢) ومقرمٌ.

وهذا كلامٌ خرج على القليلِ، ليكونَ ما فوقهُ أحْرَى بالدُّخُولِ في معناهُ، كما قال عزَّ وجلَّ: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: ٧ - ٨].

ومعلُومٌ أنَّ من يَعْملُ أكثر من مِثقالِ ذرَّةٍ، أحْرَى أن يراهُ.

وفي هذا الحدِيثِ دليلٌ على أنَّ الغُلُولَ كثِيرُهُ وقليلُهُ حرامٌ، نارٌ، قال الله عزَّ وجلَّ: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: ١٦١].

وقد ذكَرْنا في معنى الغُلُولِ وحُكمِهِ، وحُكم الغالِّ، وحُكم عُقُوبتِهِ (٣)، ما فيه كِفايةٌ، في بابِ ثَوْرِ بن زيدٍ، من كِتابِنا هذا.

وأمّا قولُهُ في الحدِيثِ: "فإنَّ الغُلُولَ عارٌ ونارٌ وشنارٌ يومَ القِيامةِ". والشَّنارُ: لفظةٌ جامِعةٌ لمعنى العارِ والنّارِ، ومعناها الشَّينُ والنّارُ، يُرِيدُ أنَّ الغُلُولَ شَيْنٌ وعارٌ ومَنْقصةٌ في الدُّنيا، ونارٌ (٤) وعَذابٌ في الآخِرةِ.


(١) معاني القرآن ١/ ٣٧٩.
(٢) القرام: ثوب غليظ من صوف ذي ألوان، يتخذ سترًا، ويتخذ فراشًا في الهودج. انظر: المعجم الوسيط، ص ٧٣٠.
(٣) في د: "وعقوبته" بدلًا من: "وحكم عقوبته".
(٤) قوله: "ونار" سقط من د ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>