للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ذكرَ ابن أبي شيبةَ (١)، عن جرِيرٍ، عن مُغِيرةَ، عن أبي معشرٍ، عن إبراهيم، قال: لا بأس أن تضع اليُمنى على اليُسرى في الصَّلاةِ.

وذكرَ (٢) عن عُمر بن هارون، عن عبدِ اللَّه بن يزِيد، قال: ما رأيتُ سعِيد بن المُسيِّبِ قابِضًا يمِينهُ على شمالِهِ في الصَّلاةِ، كان يُرسِلُهُما. وهذا أيضًا يحتمِلُ ما ذكرنا.

وذكرَ (٣)، عن يحيى بن سعِيدِ، عن عُبيدِ (٤) اللَّه بن العَيْزارِ، قال: كُنتُ أطُوفُ مع سَعِيدِ بن جُبيرٍ، فرأى رجُلًا يُصلِّي واضِعًا إحْدَى يديهِ على الأُخرى، هذه على هذه، وهذه على هذه، فذهَبَ ففرَّق بينهُما، ثُمَّ جاءَ.

وهذا يحتمِلُ أن يكونَ رأى يُسرى يَديهِ على يَمِينِهِ، فانْتَزعها على نحوِ ما رُوِي عن النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: أنَّهُ صَنَعهُ بابنِ مَسعُودٍ (٥).

وقد رُوِي عن سعِيدِ بن جُبيرٍ ما يُصحِّحُ هذا التَّأوِيل؛ لأنَّهُ ثبتَ عنهُ: أنَّهُ كان يضعُ يَدهُ اليُمنى على اليُسرى في صلاتِهِ، فوقَ السُّرَّةِ.

فهذا ما رُوِي عن بعضِ التّابِعِين في هذا البابِ وليسَ بخِلافٍ؛ لأنَّهُ لا يَثبُتُ عن أحدٍ منهُم كَراهيةٌ، ولو ثبتَ ذلك، ما كانت فيه حُجَّةٌ، لأنَّ الحُجَّةَ في السُّنَّةِ لمنِ اتَّبعها، ومن خالَفَها فهُو محجُوجٌ بها، ولا سِيَّما سُنَّةٌ لم يثبُت عن واحدٍ من الصَّحابةِ خِلافُها.


(١) في المصنَّف (٣٩٦٥).
(٢) ابن أبي شيبة في المصنَّف (٣٩٧٣)، وإسناده ضعيف، فإن عمر بن هارون هو البلخي متروك.
(٣) ابن أبي شيبة في المصنَّف (٣٩٧٤).
(٤) في م: "عبد اللَّه". وكذا في طبعة عوامة من مصنَّف ابن أبي شيبة، وهو خطأ. انظر: تاريخ البخاري الكبير ٥/ ٣٩٤، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم ٥/ ٣٣٠، وتاريخ الإسلام للذهبي ٣/ ٩٢٣.
(٥) سلف تخريجه قريبًا في هذا الباب.

<<  <  ج: ص:  >  >>