للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال (١): فحدَّثني يزِيدُ بن عبدِ اللَّه بن قُسَيطٍ: أنَّ تَوْبةَ أبي لُبابةَ نزلَتْ على رسُولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهُو في بيتِ أُمِّ سَلَمةَ، قالت أُمُّ سلمةَ: فسمِعتُ رسُولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من السَّحَرِ وهُو يَضْحكُ، قالت: فقُلتُ لهُ: ممّا تَضْحكُ، أضحكَ اللَّه سِنَّكَ؟ قال: "تِيبَ على أبي لُبابةَ". قالت: فقلتُ: أفلا أُبشِّرُهُ يا رسُولَ اللَّه؟ قال: "بلى، إن شِئتِ". قال: فقامت على بابِ حُجْرتِها، وذلك قبلَ أن يُضرَبَ عليهنَّ الحِجابُ، فقالت: يا أبا لُبابةَ أبْشِر، فقد تابَ اللَّه عليكَ. قالت: فثارَ النّاسُ إليه ليُطلِقُوهُ، فقال: لا واللَّه، حتّى يكونَ رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- هُو الذي يُطْلِقُني، فلمّا مرَّ عليه خارِجًا إلى الصُّبح، أطلقهُ.

وذكرَ ابن هشام (٢) هذه القِصَّةَ، عن زِيادٍ، عن ابن إسحاقَ. ثُمَّ قال ابن هشام: أقامَ أبو لُبابةَ مُرتبِطًا بالجِذع سِتَّ ليال، تأتِيهِ امرأتُهُ في كلِّ وَقْتِ صَلاةٍ، فتُحُلُّهُ للصَّلاةِ، ثُمَّ يعُودُ فيَرْتبِطُ بالجِذع، فيما حدَّثني بعضُ أهلِ العِلم. قال: والآيةُ التي نزلتْ في توبتِهِ (٣) قولُ اللَّه عزّ وجلّ: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التوبة: ١٠٢].

ذكر سُنيدٌ، قال: حدَّثني من سمِعَ سُفيان بن عُيينةَ يُحدِّثُ، عن إسماعيلَ بن أبي خالدٍ، قال: سمِعتُ عبد اللَّه بن أبي أوْفَى، قال: قولُهُ عزَّ وجلَّ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ} [الأنفال: ٢٧] نزلت في أبي لُبابةَ بن عبدِ المُنذِرِ.

وذكر بقِيُّ بن مخلدٍ، قال: حدَّثنا هنّادُ بن السَّرِيِّ، قال: حدَّثنا يُونُسُ، قال: حدَّثنا عنبسةُ بن الأزهرِ، عن سِماكِ بن حربٍ، عن عِكرِمةَ، قال: نزَلَت: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}


(١) أخرجه البيهقي في دلائل النبوة ٤/ ١٧ من طريق ابن إسحاق، به.
(٢) السيرة ٢/ ٢٣٥ - ٢١٣٨.
(٣) في د ٢: "في المدينة".

<<  <  ج: ص:  >  >>