للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمّا سائرُ العُلماءِ، فإنَّهُمُ اختَلَفُوا في ذلك.

فذكرَ أبو عبدِ اللَّه المروزِيُّ وغيرُهُ عن الحارِثِ العُكِليِّ والحكم بن عُتَيبةَ وابنِ أبي ليلى، فيمَن حلفَ بمالِهِ في المساكِينِ صَدَقة: أَنَّهُ ليسَ عليه شيءٌ من كفّارةٍ ولا غيرِها (١).

ذهبُوا إلى أنَّ اليمِين لا تكونُ إلّا باللَّه عزَّ وجلَّ؛ لأنَّ النَّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا تحلِفُوا إلّا باللَّه" (٢).

قالوا: فمن حلفَ بغيرِ اللَّه، فهُو عاصٍ، وليسَ عليه كفّارةٌ، ولا عليه أن يتصدَّق بمالِهِ، ولا بشيءٍ منهُ، لأنَّهُ لم يَقصِد به قصدَ التَّقرُّبِ إلى اللَّه عزَّ وجلَّ بالصَّدقةِ، ولا نذَرَ ذلك، فيلزمُهُ الوفاءُ به، وإنَّما أرادَ اليمِين.

قال أبو عُمر: وإلى هذا ذهَبَ محمدُ بن الحسنِ. وبِهِ قال داودُ بن عليٍّ وغيرُهُ. وهُو مذهبُ عبدِ الرَّحمنِ بن كيَسْان الأصمِّ، وجماعةٍ.

قال أبو عبدِ اللَّه المروزِيُّ: ويُروَى عن عُمر بن الخطّابِ، وعائشةَ، وابنِ عُمرَ، وابنِ عبّاسٍ، وحفصةَ، وأُمِّ سلمةَ، أنَّهُم قالوا: من حلَفَ بصَدَقةِ مالِهِ، ثُمَّ حنِثَ، عليه كفّارةُ يمِينٍ (٣).

وهُو قولُ الشّافِعيِّ، وأحمد بن حنبل، وأبي عُبيدٍ، وأبي ثورٍ (٤).


(١) انظر: الأوسط لابن المنذر ١٢/ ١٠٩، والإشراف له ٧/ ١٥٦، واختلاف الفقهاء للمروزي، ص ٤٨٩، وانظر فيها ما بعده.
(٢) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٦١٦ (١٣٨٢).
(٣) انظر: مصنَّف عبد الرزاق (١٥٩٨٧، ١٥٩٨٩، ١٦٠٠٠، ١٦٠٠١، ١٦٠١٣)، ومصنَّف ابن أبي شيبة (١٢٤٧٩)، والمحلى لابن حزم ٨/ ٣٤٠ - ٣٤١، وسنن البيهقي الكبرى ١٠/ ٦٥ - ٦٧.
(٤) انظر: الأم للشافعي ٢/ ٢٧٨، ومسائل الإمام أحمد رواية أبي داود، ص ٣٠٠، ورواية أبي الفضل ٣/ ٢٢٩، واختلاف الفقهاء للمروزي، ص ٤٩٠، والإشراف لابن المنذر ٧/ ١٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>