للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر المروزِيُّ عن أصحابِ الرَّأيِ، أنَّهُم قالوا: يتَصَدَّقُ من مالِهِ بما تجِبُ فيه الزَّكاةُ، من الذَّهبِ، والفِضَّةِ، والمواشِي، ولا يجِبُ عليه أن يتصدَّقَ بشيءٍ من العَقارِ، والمتاع، وسائرِ الأموال غيرَ ما تجِبُ فيه الزَّكاةُ من العينِ، والحرثِ، والمواشِي.

قال أبو عُمر: هكذا ذكرَ المروزِيُّ عن أصحابِ الرَّأيِ: أبي حنِيفةَ وأصحابِهِ.

والمعروفُ من قول (١) أبي حنِيفةَ (٢) عِندَ أصحابِهِ، فيمَن حلفَ بصدقةِ مالِهِ: أنَّهُ يُخرِجُهُ كلَّهُ، ولا يترُكُ لنفسِهِ إلّا ثِيابهُ التي تُوارِي عَوْرتهُ، ويُقوِّمُها، فإذا أفادَ قِيمتها، أخرجَها.

وأظُنُّ هؤُلاءِ حَكَمُوا فيه بحُكمِهِم في المُفلِسِ، الذي يُقسَمُ عِندَهُم مالهُ بينَ غُرمائهِ، ويُترَكُ لهُ ما لا بُدَّ منهُ، حتّى يستفِيدَ، فيُؤَدِّي إليهم.

وأمّا محمدُ بن الحسنِ، فالذي قدَّمنا ذِكرهُ عنهُ، هُو مذهبُهُ، فيما ذكرهُ الطَّحاوِيُّ (٣) وغيرُهُ.

وقد رُوِي عن ابن عبّاسٍ، وابنِ عُمرَ، وابنِ الزُّبيرِ، نحوُ الذي ذكرَ المروزِيُّ عن أصحابِ الرَّأيِ.

أخبرنا سعِيدُ بن عُثمان، قال: حدَّثنا أحمدُ بن دُحيم، قال: حدَّثنا البغويُّ، قال: حدَّثنا داودُ بن عَمرٍو الضَّبِّيُّ، قال: حدَّثنا مُسلِمُ بن خالدٍ، قال: حدَّثنا إسماعيلُ بن أُميَّةَ، عن رَجُلٍ يُقالُ لهُ: عُثمانُ بن حاضِرٍ، قال إسماعيلُ: وكان رجُلًا صالحًا قاصًّا: أنَّ رجُلًا قال لامرأتِهِ: اخرُجِي في ظَهرِي (٤)، فأبت أن تخرُج، فلم يزلِ


(١) في الأصل، م: "والمشهور عن".
(٢) انظر: الحجة على أهل المدينة لمحمد بن الحسن ١/ ٥٦٢ - ٥٦٣.
(٣) مختصر اختلاف العلماء ٣/ ٢٥٥.
(٤) في د ٢، ت: "طهري". والظهر: الركاب التي تحمل الأثقال في السفر على ظهورها. انظر: تاج العروس ١٢/ ٤٨٠. والمراد أنه أرادها أن تسافر معه، فأبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>