للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عُمر: في هذا الإسنادِ مجهُولُونَ لا تقُومُ بهم حُجَّةٌ (١).

وقد ذكرَ عبدُ الرَّزّاقِ (٢)، عن أبي بكر بن محمدٍ، عن موسى بن عُقبةَ، عن نافع، عن ابن عُمرَ، قال: قال رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا صلاةَ بعدَ طُلُوع الفَجْرِ، إلّا رَكْعتيِ الفجرِ".

وأظُنُّ أبا بكرٍ هذا، هُو ابن أبي سبرةَ، وهُو أيضًا ضعِيفٌ لا يُحتجُّ به.

ولو صحَّ هذا الخبرُ، احتملَ أن يكونَ: لا صلاةَ نافِلةٍ بعدَ الفَجْرِ يفعلُها المرءُ تَطوُّعًا، ليسَ ممّا ندَبَ رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إليه وعيَّنهُ؛ لأنَّهُ -صلى اللَّه عليه وسلم- قد أمرَ من دخَلَ المسجِدَ أن يركَعَ ركعتينِ، كما أمرَ برَكْعتيِ الفجرِ، ولكِنَّ سُنَّتهُ بعضُها أوكَدُ من بعضٍ، على قدرِ مُواظبتِهِ عليها، وندبِهِ (٣) إليها، وتَلَقِّي أصحابِهِ لها، بما فَهِمُوهُ عنهُ فيها، وغيرُ نكِيرٍ أن يكون تَقدِيرُ قولِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا صلاةَ بعدَ الفَجرِ، إلّا رَكْعتيِ الفجرِ": إلّا أن يدخُلَ أحدُكُمُ المسجِدَ فيَرْكعَ ركعتينِ.

وإذا كان هذا جائزًا لو جاءَ في حدِيثٍ واحِدٍ، فكذلك هُو وإن جاءَ في حدِيثينِ من جِهةِ النَّظرِ في استِعمالِ السُّننِ، وترتِيبِ بَعضِها على بَعضٍ، على أنَّ قولهُ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا دخلَ أحدُكُمُ المسجِدَ، فليَرْكَعْ رَكْعتينِ" أثبتُ من جِهَةِ الإسنادِ.

ووجهٌ آخرُ من جِهةِ النَّظرِ، أنَّ تحِيَّةَ المسجِدِ برَكْعتينِ فِعلُ خيرٍ، فلا يجِبُ أن يُمتَنعَ منهُ، إلّا أن يصِحَّ أنَّ السُّنَّةَ نهَتْ عنهُ (٤) من وَجْهٍ لا معارِضَ لهُ.


(١) ولذلك قال الترمذي: "حديث ابن عمر حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث قدامة بن موسى". قلنا: ومحمد بن الحصين هو التميمي، وهو مجهول، وروي من طرق أخرى معلولة. فانظر تعليقنا على ابن ماجة (٢٣٥)، ونصب الراية ١/ ٢٥٥. على أنّ معنى الحديث صحيح وهو ما أجمع عليه أهل العلم: كرهوا أن يصلي الرجل بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر.
(٢) في المصنَّف (٤٧٦٠).
(٣) في الأصل، م: "أو ندبه".
(٤) في ت: "عن ذلك".

<<  <  ج: ص:  >  >>