للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فذكرَ وُضُوءَهُ، قال: فمضمَضَ واسْتَنثَرَ، ثُمَّ غسلَ وجههُ ثلاثًا، ويَدَهُ اليُمنى ثلاثًا، والأُخْرَى ثلاثًا، ومسحَ برأسِهِ بماءٍ غيرِ فَضْلِ يدَيهِ، وغسَلَ رِجلَيْهِ حتّى أنْقاهُما (١).

تركنا ذِكر الأسانِيدِ بيننا وبينَ هؤُلاءِ للاختِصارِ، وكذلك اخْتَصرنا المُتُونَ، إلّا موضِعَ الاختِلافِ المُولِّد للحُكم، والزّائد في الفِقهِ، وباللَّه التَّوفِيقُ.

وأمّا ما في هذا الحدِيثِ من المعاني، فأوَّلُ ذلك: غسلُ اليدينِ قبلَ إدخالِهِما في الإناءِ مرَّتينِ.

وقد مَضَى القولُ في غسلِ اليدينِ قبلَ إدخالِهِما في الإناءِ، وما للعُلماءِ في ذلك من الاستِحبابِ والإيجابِ، وما للرُّواةِ فيه من ذِكر مرَّتينِ، أو ثلاثًا، مُستوعبًا مُمهَّدًا، في بابِ أبي الزِّنادِ، والحمدُ للَّه.

وأمّا قولُهُ: "ثُمَّ مضمض واستمئر ثلاثًا". فالثَّلاثُ في ذلك، وفي سائرِ أعضاءِ الوُضُوءِ، أكملُ الوُضُوءِ وأتمُّهُ، وما زادَ فهُو اعتِداءٌ، ما لم تكُنِ الزِّيادةُ لتمام نُقصانٍ، وهذا ما لا خِلاف فيه.

والمضمضةُ معرُوفةٌ، وهي: أخذُ الماءِ بالفَم من اليدِ، وتحرِيكُهُ في الفَم، هي المضمضةُ، وليسَ إدخالُ الإصبع، ودلكُ الأسنانِ بها من المضمضةِ في شيءٍ، فمن شاءَ فعلَ، ومن شاءَ لم يفعل.

وقد مَضى ما للعُلماءِ في المضمضةِ من الأقوالِ في الإيجابِ والاستِحبابِ، والاعتِلالِ لذلك، بما فيه كِفايةٌ وبيانٌ، في بابِ زيدِ بن أسلم، عن عطاءِ بن يسارٍ، عن الصُّنابِحِيِّ، ومَضَى هُناك أيضًا القولُ (٢) في الاستِنشاقِ والاستِنثارِ، وما للعُلماءِ في ذلك من المذاهِبِ والاختِيارِ، وزِدنا ذلك بيانًا بالآثار (٣) في بابِ أبي الزِّنادِ، والحمدُ للَّه.


(١) أخرجه مسلم (٢٣٦) (١٩) من طريق ابن وهب، به.
(٢) في د ٢: "السؤال".
(٣) هذه الكلمة سقطت من م.

<<  <  ج: ص:  >  >>