للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأمّا غسلُ الوَجْهِ ثلاثًا، فهُو الكمالُ، والغَسْلةُ الواحِدةُ إذا عمَّت، تُجزِئُ بإجماع من (١) العُلماءِ؛ لأنَّ رسُولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- توضَّأ مَّرةً مَّرةً، ومرَّتينِ مرَّتينِ، وثلاثًا ثلاثًا. وهذا أكثرُ ما فعلَ من ذلك -صلى اللَّه عليه وسلم-، وتلقَّتِ الجماعةُ ذلك من فِعْلِهِ على الإباحَةِ والتَّخيِيرِ، وطَلَبِ الفضلِ في الثِّنتينِ والثَّلاثِ، لا على أنَّ شيئًا من ذلك نَسْخٌ لغيرهِ منهُ، فقِفْ على إجماعِهِم فيه.

والوَجْهُ، مأخُوذٌ من المُواجهةِ، وهُو من مَنابِتِ شَعْرِ الرَّأسِ، إلى العارِضِ والذَّقنِ والأُذُنينِ، وما أقبل من اللَّحيينِ (٢).

وقدِ اختُلِفَ في البياضِ الذي بينَ الأُذُنِ والعارِضِ في الوُضُوءِ.

فرَوَى ابن وَهْبٍ، عن مالكٍ قال: ليسَ ما خلفَ الصُّدغ، الذي من وراءِ شَعْرِ اللِّحيةِ إلى الأُذُنِ من الوَجْهِ (٣).

وقال الشّافِعيُّ (٤): يَغسِلُ المُتوضِّئُ وَجْههُ من مَنابِتِ شَعْرِ رأسهِ، إلى أُصُولِ أُذُنَيهِ، ومُنْتَهى اللِّحيةِ، إلى ما أقبلَ من وجهِهِ وذقنِهِ، فإن كان أمردَ، غسلَ بَشْرةَ وَجْهِهِ كلَّها، وإن نبتَتْ لحيتُهُ وعارِضاهُ، أفاضَ على لحيتِهِ وعارِضَيْهِ، وإن لم يصِل الماءُ إلى بَشَرةِ وَجْهِهِ التي تحتَ الشَّعرِ، أجزأهُ إذا كان شَعرُهُ كثِيرًا.

قال أبو عُمر: قد أجمعُوا أنَّ المُتيمِّمَ ليسَ عليه أن يمسحَ ما تحتَ شَعْرِ عارِضَيهِ، فقَضَى إجماعُهُم في ذلك، على مُرادِ اللَّه منهُ؛ لأنَّ اللَّه أمرَ المُتيمِّمَ بمَسْح وَجهِهِ، كما أمرَ المُتوضِّئَ بغَسْلِهِ، وهذا (٥) الذي ذكرتُ لك عليه جماعةُ العُلماءِ.


(١) هذا الحرف سقط من م.
(٢) في م: "اللحتين".
(٣) انظر: النوادر والزيادات لابن أبي زيد القيرواني ١/ ٣٣، والجامع لمسائل المدونة للصقلي ١/ ٥٥.
(٤) انظر: الأم ١/ ٤٠.
(٥) في الأصل: "وهو"، والمثبت من د ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>