للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأنكرَ بعضُ أهلِ اللُّغةِ أن تكونَ: "إلى" هاهُنا بمعنى الواوِ، أو بمعنى: "مع" وقال: لو كان كذلك، لوجَبَ غسلُ اليدِ كلِّها، واليدُ عِندَ العربِ من أطرافِ الأصابِع، إلى الكتِفِ. وقال: ولا يجُوزُ أن تخرُج "إلى" عن بابِها. ويذكُر أنَّها بمعنى الغايَةِ أبدًا. قال: وجائزٌ أن تكونَ "إلى" هاهُنا بمعنَى الغايةِ، وتَدخُلُ المرافِق مع ذلك في الغَسْلِ، لأنَّ الثّاني إذا كانَ من الأوَّلِ، كان ما بعد "إلى" داخِلًا فيما قبلهُ، نحو قولِ اللَّه عزَّ وجلَّ: {إِلَى الْمَرَافِقِ} فالمرافِقُ داخِلةٌ في الغَسْلِ، وإذا كان ما بعدَها ليس من الأوَّلِ، فليس بداخِلٍ فيه، نحو: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} (١).

قال أبو عُمر: يقولُ: إنَّهُ ليسَ اللَّيلُ من النَّهارِ، فلم يَدْخُلِ الحدُّ في المحدُودِ، وإنَّما يدخُلُ الحدُّ في المحدُودِ (٢) إذا كان من جِنْسِهِ، والمرافِقُ من جِنسِ الأيدِي والأذرُع، فوجَبَ أن يدخُل الحدُّ منها في المحدُودِ، لأنَّ هذا أصلُ حُكم الحُدُودِ والمحدُوداتِ عِندَ أهلِ الفهم والنَّظرِ، واللَّه أعلمُ.

ومن غسلَ المِرفقينِ مع الذِّراعينِ، فقد أدَّى فرضَ طهارتِهِ وصلاتِهِ بيقِينٍ، واليَقِينُ في أداءِ الفَرائضِ واجِبٌ.

وأمّا المسحُ بالرَّأسِ (٣)، فقد أجمعُوا أنَّ من مسحَ برأسِهِ كلِّهِ، فقد أحسنَ وفعلَ أكمل ما يلزمُهُ، وكلُّهُم يقولُ: يمسَح الرَّأسِ مسحةً واحِدةً مُوعبةً كامِلةً، لا يزِيدُ عليها، إلّا الشّافِعيُّ، فإنَّهُ قال: أكملُ الوُضُوءِ أن يتوضَّأ ثلاثًا ثلاثًا كلُّها سابِغةٌ، ويمسح برأسِهِ ثلاثًا (٤).


(١) في الأصل، د ٢، ت: "وأتموا". انظر: التلاوة.
(٢) قوله: "وإنما يدخل الحدّ في المحدود" سقط من د ٢.
(٣) عن مسح الرأس، تنظر تفاصيله في مختصر اختلاف العلماء ١/ ١٣٦ (٢٧).
(٤) انظر: الأم ١/ ٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>