للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأجمعَ العُلماءُ: أنَّ غسلةً واحِدةً سابِغةً في الرِّجلينِ، وسائرِ الوُضُوءِ تُجزِئُ. وكان مالكٌ لا يحُدُّ في الوُضُوءِ واحِدةً، ولا اثْنَتينِ، ولا ثلاثًا، وكان يقولُ: إنَّما هُو الغَسْلُ، وما عمَّ من ذلك أجزأ، والرِّجلانِ وسائرُ الأعْضاءِ سواءٌ.

والقولُ عِندَ العُلماءِ على ما قدَّمنا في أُصُولِهِم، في دُخُولِ المِرفَقينِ في الذِّراعينِ، كذلك القولُ عِندهُم في دُخُولِ الكَعْبينِ في غَسْلِ الرِّجلينِ.

وجُملةُ قولِ مالكٍ وتحصِيلُ مذهبِهِ: أنَّ المِرفقينِ إن بَقِيَ شيءٌ منهُما مع القطع غُسِلا. قال: وأمّا الكعبانِ، فهُما باقِيانِ مع القطع، ولا بُدَّ من غَسْلِهِما مع الرِّجلينِ. هذا هُو المُختارُ من المذهبِ.

والكَعْبانِ: هُما النّاتِئانِ في أصلِ السّاقِ. وعلى هذا مذهبُ الشّافِعيِّ، وأحمد بن حنبل، وداود بن عليٍّ في الكعبينِ.

وأمّا العُرقُوبُ، فهُو مَجْمَعُ مَفْصِلِ السّاقِ والقَدَم.

وقال أبو جعفرٍ النَّحّاس (١): كلُّ مَفْصِلٍ عِندَ العربِ، كعبٌ.

وقال أبو جعفرٍ الطَّحاوِيُّ (٢): للنّاسِ في الكَعْبينِ ثلاثةُ أقوال، فالذي يذهبُ إليه محمدُ بن الحسنِ: أنَّ في القَدم كعبًا، وفي السّاقِ كعبًا، ففي كلِّ رِجْلٍ كعبانِ. قال: وغيرُهُ يقولُ: في كلِّ قَدَم كعبٌ، وموضِعُهُ ظهرُ القدم، ممّا يَلي السّاق. قال: وآخرُونَ يقولُونَ: الكعبُ هُو الدّائرُ بمَغرِزِ السّاقِ، وهُو مُجتمعُ العُرُوقِ، من ظَهْرِ القَدَم إلى العراقِيبِ. قال: والعَربُ تقُولُ: الكعبانِ، هُما العُرقُوبانِ.


(١) في الأصل: "الطحاوي"، خطأ، وهو إمام العربية، أحمد بن محمد بن إسماعيل المصري النحوي، أبو جعفر ابن النحاس، توفي سنة ثمان وثلاثين وثلاث مئة. انظر: تاريخ الإسلام ٧/ ٧١٧، وسير أعلام النبلاء ١٥/ ٤٠١.
(٢) لم نقف عليه في كتب الطحاوي المطبوعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>