للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أبو عُمر: لا يجُوزُ للرَّجُلِ أن يجُرَّ ثوبًا يَلْبَسُه ويكونَ تحتَ كَعْبَيه، وأظنُّ الوَعيدَ الشَّديدَ ورَدَ فيمَنْ جَرَّ (١) ثوبهُ خُيلاءَ وبطرًا، واللَّهُ أعلمُ.

فإن قيلَ: إنَّ ابن مَسْعُودٍ كان يُسبِلُ إزارهُ، لما ذكَرهُ ابن أبي شيبةَ (٢)، عن وَكِيع، عن منصُورٍ، عن أبي وائل، عن ابن مسعُودٍ: أنَّهُ كان يُسبِلُ إزارهُ، فقيلَ لهُ، فقال: إنِّي رجُلٌ (٣) حَمْشُ السّاقينِ (٤).

قيل: ذلك لعلَّهُ أُذِنَ لهُ (٥)، كما أُذِنَ لعَرْفجةَ أن يتَّخِذَ أنفًا من ذهَبٍ يَتَجمَّلُ به (٦).

وذكرَ أبو بكرٍ (٧)، عن عيسى بن يُونُس، عن الأوزاعِيِّ، عن عَمرِو بن مُهاجِرٍ، قال: كانت قُمُصُ عُمر بن عبدِ العزيزِ وثِيابُهُ فيما بينَ الكعبِ، والشِّراكِ.

وهذا يحتَمِلُ أن يكونَ عُمرُ ذهبَ إلى أن يستغرِقَ الكعبينِ، كما إذ قيلَ في الوُضُوءِ: {إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: ٦] اسْتَغرقهُما، وكانَ الاحتِياطُ أن يُقصِّر عَنهُما، لأنَّ (٨) مَعنَى هذا مُخالِفٌ لمعنَى الوُضُوءِ، ولكِنَّ عُمرَ ليسَ منهُم، كما قال رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لأبي بكرٍ: "لسْتَ منهُم" (٩). أي: لستَ مِمَّن يجُرُّ ثوبهُ خُيلاءَ وبطرًا.

وقد مَضَى هذا المعنى مُكرَّرًا في مَواضِعَ من كِتابِنا هذا، والحمدُ للَّه.


(١) من قوله: "ثوبًا يلبسه" إلى هنا، سقط من ت، م.
(٢) في المصنَّف (٢٥٣١٣).
(٣) هذه اللفظة سقطت من د ٢، وهي ثابتة في بقية النسخ ومصنَّف ابن أبي شيبة.
(٤) حمش الساقين: دقيقهما. انظر: المعجم الوسيط، ص ١٩٧.
(٥) قوله: "أذن له" سقط من د ٢، ت.
(٦) أخرجه أحمد في مسنده ٣٣/ ٣٩٧ (٢٥٢٦٩)، والبخاري في تاريخه الكبير ٧/ ٦٤ - ٦٥، وأبو داود (٤٢٣٢).
(٧) أخرجه في المصنَّف (٢٥٣٣٦).
(٨) في الأصل، م: "إلا أن"، والمثبت من د ٢.
(٩) سلف بإسناده في شرح الحديث الأول لزيد بن أسلم، وهو في الموطأ ٢/ ٥٠١ (٢٦٥٦)، وانظر تخريجه في موضعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>