للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال لخالدِ بن الولِيدِ في عمّارٍ: "لا تسُبَّ من هُو خيرٌ مِنكَ" (١).

وقال عُمرُ بن الخطّابِ، في قولِهِ عزَّ وجلَّ: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [آل عمران: ١١٠]، قال: من فعلَ مِثل فِعلِهِم، كان مِثلَهُم (٢).

وقال ابن عبّاسٍ، في قولِهِ: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}: هُمُ الذين هاجرُوا من مكَّةَ إلى المدِينةِ، وشَهِدُوا بدرًا والحُديبِيةَ (٣).

وهذا كلُّهُ يَشْهدُ أنَّ خيرَ قَرْنِهِ فضلًا أصحابُهُ، وأنَّ قولهُ: "خيرُ النّاسِ قَرْني". أنَّهُ لفظٌ خرَجَ على العُمُوم، ومَعناهُ الخُصُوصُ.

وقد قيل في قولِ اللَّه: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}: أنَّهُم أُمَّةُ محمدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم-. يعني الصّالحِين منهُم، وأهلُ الفَضْلِ، هُم شُهداءُ على النّاسِ يومَ القِيامةِ. قالوا: وإنَّما صارَ أوَّلُ هذه الأُمَّةِ خيرَ القُرُونِ، لأنَّهُم آمنُوا حِينَ كفر النّاسُ، وصَدَّقُوهُ (٤) حِينَ كذَّبهُ النّاسُ، وعزَّرُوهُ، ونَصرُوهُ، وآووهُ بأموالِهِم وأنفُسِهِم، وقاتَلُوا غيرَ هُم على كُفرِهِم، حتّى أدخلُوهُم في الإسلام.

وقد قيل في توجِيهِ أحادِيثِ البابِ، مع قولِهِ: "خيرُ النّاسِ قرنِي": إنَّ قَرْنهُ إنَّما فُضِّلَ، لأنَّهُم كانوا غُرَباءَ في إيمانِهِم، لكثرةِ الكُفّارِ، وصَبرِهِم على أذاهُم،


(١) أخرجه النسائي في السنن الكبرى ٧/ ٣٥٧ (٨٢١٣، ٨٢١٤)، وابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٩٨٩ - ٩٩٠ (٥٥٤٠)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار ٨/ ٢٧١ (٣٢٣٢)، والطبراني في الكبير ٤/ ١١٢ (٣٨٣٠) بلفظ: "يا خالد لا تسب عمارًا". والروايات مطولة ومختصرة. وانظر: المسند الجامع ٥/ ٣٠٣ - ٣٠٤ (٣٥٨٥).
(٢) أخرجه الطبري في تفسيره ٧/ ١٠١ (٧٦٠٨)، وابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٧٣٢ (٣٩٧٠) بنحوه.
(٣) أخرجه الطبري في تفسيره ٧/ ١٠١ (٧٦١١)، وابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٧٣٢ (٣٩٦٨).
(٤) في الأصل: "وصَدَّقه".

<<  <  ج: ص:  >  >>