للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتَمسُّكِهِم بدِينِهِم، وإنَّ آخِر هذه الأُمَّةِ إذا أقامُوا الدِّينَ، وتمسَّكُوا به، وصَبرُوا على طاعَةِ ربِّهِم في حِينِ ظُهُورِ الشَّرِّ، والفِسقِ، والهَرْج، والمعاصِي، والكبائرِ، كانوا عِندَ ذلك أيضًا غُرَباءَ، وزَكَتْ أعمالُهُم في ذلك الزَّمنِ، كما زكَتْ أعمالُ أوائلِهِم.

وممّا يشهدُ لهذا، قولُهُ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنَّ الإسلامَ بَدَأ غرِيبًا، وسيعُودُ غرِيبًا، فطُوبَى للغُرَباءِ" (١).

ويشهدُ لهُ أيضًا، حدِيثُ أبي ثعلبةَ (٢) الخُشنِيِّ. وقد تقدَّم ذِكرُهُ (٣).

ويشهدُ لهُ أيضًا قولُهُ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أُمَّتي كالمطرِ، لا يُدْرَى أوَّلُهُ خيرٌ، أم آخِرُهُ" (٤).

وقد ذكرَ البُخارِيُّ، قال: حدَّثنا محمدُ بن بشّارٍ، قال: حدَّثنا ابن أبي عدِيِّ، عن حُميدٍ، عن أنَسٍ، قال: قال رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تقُومُ السّاعةُ، حتّى لا يُقال في الأرضِ: اللَّه اللَّه" (٥).

قال أبو عُمر: فما ظنُّكَ (٦) بعِبادةِ اللَّه، وإظهارِ دِينِهِ في ذلك الوَقتِ! أليسَ هُو كالقابِضِ على الجَمرِ، لصبرِهِ على الذُّلِّ، والفاقَةِ، وإقامَةِ الدِّينِ، والسُّنَّةِ!

وروينا أنَّ عُمرَ بن عبدِ العزيزِ لمّا وَلي الخِلافةَ، كتبَ إلى سالم بن عبدِ اللَّه بن


(١) أخرجه أحمد في مسنده ١٥/ ٢٢ (٩٠٥٤)، ومسلم (١٤٥)، وابن ماجة (٣٩٨٦)، وأبو يعلى (٦١٩٠)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار ٢/ ١٧١ (٦٩١)، والطبراني في الأوسط (٢٧٧٧) من حديث أبي هريرة. وانظر: المسند الجامع ١٨/ ٣٨٤ - ٣٨٥ (١٥١٦٢، ١٥١٦٣).
(٢) هذه الكلمة سقطت من م.
(٣) سلف قريبًا في هذا الباب.
(٤) سيأتي لاحقًا، وانظر تخريجه في موضعه.
(٥) لم نقف عليه في كتب البخاري المتيسرة لدينا، وقد أخرجه الترمذي (٢٢٠٧) عن محمد بن بشار، به. وأخرجه أحمد في مسنده ١٩/ ١٠٠ (١٢٠٤٣) عن ابن أبي عدي، به. وقد روي من وجه آخر عن أنس، أخرجه مسلم (١٤٨) وغيره، من طريق ثابت عن أنس. وانظر: المسند الجامع ٣/ ٣٤ - ٣٥ (١٦١٦، ١٦١٧).
(٦) في م: "تلك".

<<  <  ج: ص:  >  >>