للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذان البَيْتانِ أنْشَدَهما الزُّبيرُ بن بكَّارٍ، عن محمدِ بن عيسى لفُلَيْح (١) بن إسماعيل (٢).

قال أبو عُمر: المعروفُ من كلامِ العَرَبِ أنّ كلَّ ما تُمُوِّلَ وتُمُلِّكَ فهو مالٌ، ألَا تَرَى إلى قولِ أبي قَتَادةَ السَّلَمِيِّ: فابْتَعْتُ - يعني بسَلَبِ القَتِيلِ الذي قتَله يومَ حُنينٍ - مَخْرَفًا في بَني سَلِمَةَ، فإنّه لأوَّلُ مالٍ تَأثَّلْتُه في الإسلام (٣). وقال الله عزَّ وجلَّ: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: ١٠٣]. وأجمَعُوا أنَّ العَيْنَ ممَّا تُؤْخَذُ منه الصَّدَقَةُ، وأنّ الثيابَ والمتاعَ لا يُؤْخَذُ منها الصَّدَقَةُ، إلّا في قولِ من رأى زكاةَ العُرُوضِ للمُدير التَّاجر، نَضَّ (٤) له في عامه شيءٌ من العَيْنِ أو لم يَنِضَّ، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "يقولُ ابنُ آدَمَ: مَالِي مالِي، وإنّما له من مَالِه ما أكَل فأفْنَى، أو تصَدَّق فأمْضَى، أو لَبِس فأبْلَى" (٥).

وهذا أبْيَنُ من أن يُحْتاجَ فيه إلى استشهادٍ، فمَنْ حَلَفَ بصدقَةِ مالِه، فذلك على كلِّ نوعٍ من مالِه، سواءٌ كان ممَّا تجبُ فيه الزَّكاةُ أو لم يكُنْ، إلّا أنْ يَنويَ شيئًا بعينِه فيكون على ما نَوَى، ولا معنى لقول مَن قال: إنّ ذلك على أموال الزَّكوات. لأنَّ العِلْمَ مُحيطٌ، واللِّسانَ شاهِدٌ، في أنّ ما تُمُلِّكَ وتُمُوِّلَ يُسَمَّى مالًا.

وسنذكُرُ اختلافَ العلماءِ فيمَنْ حَلَفَ بصدقَةِ مالِه في بابِ عُثمانَ من هذا الكتاب إن شاء الله.

أخبرنا خلفُ بن سعيدٍ (٦)، قال: حدَّثنا عبدُ الله بن محمدٍ، قال: حدَّثنا أحمدُ بن خالدٍ.


(١) لم نقف عليهما فيما وصل إلينا من تآليفه.
(٢) في حاشية الأصل: "بلغت المقابلة بحمد الله وحسن عونه".
(٣) الموطأ ١/ ٥٨٥ - ٥٨٦ (١٣١١)، والمَخْرف: البستان.
(٤) نض المال: تحوّل نقدًا بعد أن كان متاعًا (النهاية ٥/ ٧٢).
(٥) أخرجه مسلم (٢٩٥٩) من حديث عبد الرحمن الحرقي، عن أبي هريرة.
(٦) هو المعروف بابن المنفوخ، أثنى عليه ابن عبد البر، وتوفي بعد سنة ٤٠٣ هـ (الصلة، الترجمة ٣٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>