للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلَف العلماءُ في وجوبها فرضًا؛ فمنهم مَن أوجَبها، ومنهم مَن لم يُوجبها، وكلُّ مَن لم يُوجبْها يَندُبُ إليها ويَسْتَحبُّها. وممن أوجَبها الليثُ بنُ سعد، قال ابنُ وَهْب (١): سألتُ الليثَ عن عبدٍ مملوكٍ تمُرُّ به فيقدِّمُ إليك طعامًا، لا تَدري هل أمَرَه سيدُه أم لا؟ فقال الليثُ: الضِّيافةُ حقٌّ واجبٌ، وأرجو ألّا يكونَ به بأسٌ.

وقال مالكٌ: لا تجوزُ هبةُ العبد المأذون له، ولا دعوتُه، ولا عاريّتُه، ولا يجوز له إخراجُ شيء من مالِه بغير عِوَض إلا أن يأذَن له سيدُه (٢). وهو قول الشافعيِّ والحسن بن حيٍّ.

وقال الليث: لا بأسَ بضيافتِه (٣).

وقد روَى الربيع، عن الشافعيِّ أنه قال: الضيافةُ على أهل الباديةِ والحاضرة، حقٍّ واجبٌ في مكارم الأخلاق.

وقال مالكٌ: ليس على أهل الحَضَر ضيافةٌ. وقال سُحنون: إنما الضِّيافة على أهل القرى، وأما الحَضرُ فالفندقُ ينزلُ فيه المسافر.

ومن حجة من ذهَب هذا المذهب ما حدَّثناه عبدُ اللَّه بنُ محمدِ بن يوسف، قال: حدَّثنا الحسنُ بنُ إسماعيل، قال: حدَّثنا بكرُ بنُ محمدِ بنِ العلاءِ القُشَيريُّ القاضي، قال: حدَّثنا أبو مسلم الكَشِّيُّ (٤)، قال: حدَّثنا إبراهيم بنُ عبدِ اللَّه ابن أخي


(١) كما في مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٥/ ٢٢٧.
(٢) ينظر: المدوّنة ٤/ ٩٠.
(٣) كما في مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٥/ ٢٢٧.
(٤) هو أبو مسلم إبراهيم بن عبد اله بن مسلم بن باغر بن كَشّ الكَشّي، ويُقال فيه الكَجِّي البصري الحافظ، صاحب السُّنن، وهو منسوب إلى جده الأعلى "كش"، كما في توضيح ابن ناصر الدين ٧/ ٣٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>