للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عُمر: ينبغي له أن يَتنزَّهَ عمّا كان من الضِّيافة صدقة، كما ينبَغي له التَّنزُّهُ عن الصدقة، وليست صدقةُ التطوع بمحرَّمةٍ على أحد، إلّا أنّ السؤالَ مكروهٌ على ما بيَّنا فيما سلف من هذا الكتاب (١)، والحمدُ للَّه.

حدَّثنا عبدُ اللَّه، قال: حدَّثنا الحسنُ، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ أحمدَ بنِ جابر، قال: حدَّثنا إسحاقُ بنُ أحمدَ القطّانُ، قال: حدَّثنا أحمدُ بنُ منصور، قال: حدَّثنا عثمانُ بنُ عُمر، قال: حدَّثنا أبو عامرٍ الخَزّاز، عن نافع، قال: كان ابنُ عمرَ إذا قدِم مكةَ نزَل على أصهارِه، فيأتيه طعامُه من عند دار خالدِ بنِ أسيدٍ، فيأكُلُ من طعامِهم ثلاثةَ أيام، ثم يقول: احْبِسوا عنا صدقتكم. ويقول لنافع: أنْفِقْ من عندِك.

وقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يَحِلُّ له أن يَثْويَ عندَه حتى يُحرِجَه". يريدُ: أن يُقيمَ عندَه حتى يُحرِجَه، والثَّواء: الإقامة. قال عنترة (٢):

طالَ الثَّواءُ على رسومِ المنزِلِ

وقال الحارثُ بنُ حِلِّزة (٣):

آذنَتْنا ببَيْنِها أسماءُ ... رُبَّ ثاوٍ يُمَلُّ منه الثَّواءُ

وقال كُثَيِّر (٤):

أُريدُ الثَّواءَ عندَها وأظُنُّها ... إذا ما أطَلْنا عندَها المُكْثَ مَلَّتِ

وقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "حتى يُحرِجَه"؛ أي: يُضَيِّقَ عليه بإقامتِه عندَه حتى يَحْرَجَ وتَضيقَ نفسُه، هذا لا يَحِلُّ له.


(١) سلف في أثناء شرح الحديث الثاني عشر لزيد بن أسلم عن عطاء بن يسار.
(٢) ديوانه، ص ٩٩، وهذا صدر بيت له، وعجزُه:
بين اللكيكِ وبين ذاتِ الحرْمَلِ
(٣) ديوانه، ص ١. وهو في شرح المعلقات السَّبع للزوزني، ص ١٠.
(٤) وهو كثيِّر عزة، والبيت في ديوانه، ص ٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>