للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلَف الفقهاءُ من هذا المعنى في ذي المَحرَم للمرأة؛ هل هو من السبيل الذي ذكر اللَّه عزّ وجلّ في الحجّ أم لا؟ فقالت طائفة: المَحرَم من السبيل الذي قال اللَّه عزّ وجلّ: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: ٩٧]. فمَن لم يكن لها من النساء ذو محَرَم فتخرُج معه، فليست ممّن استطاع إلى الحج سبيلًا، لنهي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن تُسافرَ المرأةُ إلا مع ذي محرم منها. وممّن ذهبِ إلى هذا إبراهيمُ النَّخعيُّ، والحسنُ البصريُّ (١)، وأبو حنيفةَ وأصحابه، وأحمدُ بنُ حنبل، وإسحاقُ، وأبو ثَوْر (٢).

وقال الأثرم: سمعتُ أحمدَ بن حنبل يُسألُ عن الرجل هل يكونُ مَحرَمًا لأمِّ امرأتِه يُخرجُها إلى الحجّ؟ فقال: أما في حجةِ الفريضة فأرجو؛ لأنها تخرُجُ إليها مع النساء ومع كل مَن أمِنَته، وأما في غيرِها فلا (٣). وكأنه ذهَب إلى أنه لم يُذكَر في القرآن.

قال أبو عُمر: يعني في قول اللَّه عزَّ وجلّ: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ} الآية كلها [النور: ٣١].

قال الأثرم: قيل لأحمد: فيحُجُّ الرجلُ بأختِ امرأتِه؟ قال: لا، لأنها ليست منه بمَحرَم؛ لأنها قد تَحلُّ له. قيل له: فالأخُ من الرَّضاعة يكونُ مَحرَمًا؟ قال: نعم. قيل له: فيكونُ الصبيُّ مَحرَمًا؟ قال: لا، حتى يَحتلِم؛ لأنه لا يقومُ بنفسِه، فكيف تخرُجُ معه امرأةٌ في سفر؟ لا، حتى يَحتلِم وتجبَ عليه الحدود، أو يبلُغَ خمسَ عشرةَ سنة (٤).

وقال آخرون: جائزٌ للمراة أن تحُجَّ حجةَ الفريضة إذا كانت مع ثقاتٍ من ثقاتِ المسلمات والمسلمين.


(١) ينظر: المصنَّف لابن أبي شيبة ٤/ ٤ (١٥٤٠١).
(٢) ينظر: اختلاف الفقهاء لمحمد بن نصر المروزي ص ٤٢١، ٤٢٢.
(٣) نقله عن الأثرم ابن قدامة في المغني ٣/ ٢٢٩.
(٤) ينظر: المغني لابن قدامة ٣/ ٢٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>