للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأما مالكٌ والشافعيُّ فقالا: تخرُجُ مع جماعة النساء. قال الشافعيُّ: وإذا خرَجَت مع حُرَّة مسلمةٍ ثقةٍ فلا شيء عليها. وقال الأوزاعيُّ: تخرُجُ مع قوم عُدول، وتتَّخذُ سُلَّمًا تصعَدُ عليه وتنزلُ، ولا يَقرَبُها رجلٌ إلا أن يأخُذَ برأسِ البعير وتضعُ رجلَها على ذراعِه. وقال ابنُ سيرين: تخرُجُ مع رجل من المسلمين لا بأسَ به (١).

وروَى أيوب، عن محمد، أنه كان إذا سُئِل عن المرأة لم تحجَّ، وليس لها مَحرَمٌ؟ فربما قال: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: ١٠]. ويقول: رُبَّ مَن ليس بمَحرَم أوثَقُ من مَحرَم.

ذكَره عبدُ الرزاق، عن مَعْمَر وابنِ التَّيميِّ، عن أيوبَ، عن ابنِ سيرين.

قال أبو عُمر: ليس المَحرَمُ عند هؤلاء من شرائطِ الاستطاعة، ومن حجَّتِهم الإجماعُ في الرجل يكونُ معه الزادُ والراحلة، وفيه الاستطاعة، ولم يمنَعْه فسادُ طريق ولا غيرُه، أنَّ الحجَّ عليه واجب. قالوا: فكذلك المرأة؛ لأنَّ الخطابَ واحد، والمرأةُ من الناس.

وفي هذا الحديث أيضًا: دليلٌ على صحةِ ما ذهبَ إليه مالكٌ والشافعيُّ وأصحابهما، في تقدير المسافة التي يجوزُ فيها للمُسافر قصْرُ الصَّلاة وتحديدِها؛ لأنهم قالوا: لا تُقصَرُ الصلاةُ في مسافة أقلَّ من يوم وليلة. وقدّروا ذلك بثمانيةٍ وأربعين ميلًا، وهي أربعةُ بُرُد (٢). وهو قول ابن عباس وابنِ عمر (٣). والأصل في ذلك حديثُ أبي هريرة هذا عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بما ذكَرنا.


(١) ينظر: الأمّ للشافعي ٢/ ١٢٧، والمغني لابن قدامة ٣/ ٢٢٩.
(٢) ينظر: المدوّنة ١/ ٢٠٧، والأمّ ١/ ٢١٢، واختلاف الفقهاء لمحمد بن نصر المروزي ص ١٢١، والمغني لابن قدامة ٣/ ١٨٨.
(٣) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف ٢/ ٥٢٤ (٤٢٩٩) عن سفيان الثوري، عن منصور بن المعتمر، عن مجاهد بن جبر، عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما. وأخرجه ٢/ ٥٢٥ (٤٣٠٠) عن معمر بن راشد، عن عبد الملك بن جريج، عن ابن شهاب الزُّهري، عن سالم بن عبد اللَّه بن عمر، عن أبيه رضي اللَّه عنهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>