للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد مضى القول في قيام رمضان، وما الأصل فيه، وكيف كان بدُوُّ أمره، في باب ابن شهاب (١) من هذا الكتاب.

وأكثر الآثار على أنَّ صلاتَه كانت بالوتر إحدى عشرةَ ركعة، وقد رُوِيَ: ثلاثَ عَشْرة ركعة. فمنهم من قال: فيها ركعتا الفجر. ومنهم من قال: إنها زيادة حفِظَها من تُقبَلُ شهادتُه (٢) بما نقل منها، ولا يضُرُّها تقصيرُ من قصَّر عنها. وكيف كان الأمرُ، فلا خلافَ بين المسلمين أنَّ صلاةَ الليل ليس فيها حدٌّ محدود، وأنها نافلة، وفعلُ خَيْر، وعَمَلُ برٍّ، فمن شاء استقلَّ، ومن شاء استكثَر.

وأما قوله: يصلِّي أربعًا، ثم يصلِّي أربعًا، ثم يصلِّي ثلاثًا. فذهب قوم إلى (٣) أنّ الأربعَ لم يكن بينها سلام. وقال بعضهم: ولا جلوسَ إلّا في آخرها.

وذهب فقهاءُ الحجاز وجماعةٌ من أهل العراق إلى أنَّ الجلوسَ كان منها في كلِّ مثنى والتسليم أيضًا. ومن ذهب هذا المذهب كان معنى قوله في هذا الحديث عنده: أربعًا؛ يعني: في الطُّول والحُسْنِ وترتيبِ القراءة ونحو ذلك، ودليلُهم على ذلك قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "صلاةُ الليل مثنى متنى" (٤)؛ لأنه مُحالٌ أن يأمرَ بشيءٍ، ويفعلَ خلافَه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقد مَضَى ما للعلماء من المذاهب والأقوال في صلاة الليل، وما نزعُوا به في ذلك من الآثار والاعتلال في باب ابن شهاب ونافع (٥) من هذا الكتاب،


(١) سلف في الحديث الرابع له عن عروة عن عائشة رضي اللَّه عنها. وهو في الموطأ ١/ ١٧٦ (٣١٤).
(٢) في م: "زيادته"، والمثبت من النسخ المعتمدة.
(٣) حرف الجر لم يرد في الأصل.
(٤) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ١٨٠ (٣١٩) عن نافع مولى عبد اللَّه بن عمر، وعبد اللَّه بن دينار عن عبد اللَّه بن عمر رضي اللَّه عنهما، وهو الحديث الأول لنافع: وقد سلف تمام تخريجه والكلام عليه في موضعه.
(٥) في الحديث الرابع لابن شهاب كما سلف وذكرنا قريبًا، وفي الحديث الأول لنافع مولى عبد اللَّه بن عمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>