للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومضى في باب نافع أيضًا اختلافُهم في الوتر بواحدةٍ وبثلاث، وبما زاد، فلا معنى لتكرير ذلك هاهنا.

واختصارُ اختلافهم في صلاة التطوع بالليل: أنَّ مالكًا، والشافعيَّ، وابن أبي ليلى، وأبا يوسف، ومحمدًا، والليثَ بنَ سعد، قالوا: صلاةُ الليل مثنى مثنى تقتَضي الجلوسَ والتَّسليم في كلِّ اثنتين، ألا ترَى أنَّه لا يقال: صلاةُ الظهر مثنى. لما كانت الأُخرَيان مضمَّنتين بالأوليين، ولأنه قد رُوِيَ في حديث عائشة هذا من رواية عُروة عنها: أنَّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يُسلِّمُ في كلِّ ركعتين منها. وقد ذكَرنا من روَى ذلك في باب ابن شهاب (١).

وقال أبو حنيفة في صلاة الليل: إن شئتَ ركعتين، أو أربعًا، أو ستًّا، أو ثمانيًا (٢).

وقال الثوريُّ والحسنُ بنُ حيٍّ: صلِّ بالليل ما شئتَ بعدَ أن تقعُدَ في كل اثنتين، وتُسلِّم في آخرهنّ (٣). وحجَّةُ هؤلاء ظواهرُ الأحاديث عن عائشة؛ مثل هذا الحديث، ومثلُ ما رواه الأسود، عن عائشة، أنها قالت: كان رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يصلِّي من الليل تسعَ ركعات، فلما أسَنَّ، صلَّى سبعَ ركعات (٤). وقال فيه مسروق


(١) سلف ذلك في أثناء شرح الحديث الرابع لابن شهاب الزُّهري عن عروة بن الزُّبير. وسيأتي على ذكره المصنف مرة أخرى من وجوه أخرى عن ابن شهاب ص ٨٠.
(٢) نقله عن أبي حنيفة محمد بن الحسن الشيباني في الأصل المعروف بالمبسوط له ١/ ١٥٧، ومثل ذلك ذكر الطحاوي عنه وعن الثوري في مختصر اختلاف العلماء ١/ ٢٢٣.
(٣) نقله عنهما الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء ١/ ١٢٣.
(٤) أخرجه أحمد في المسند ٤٣/ ٢٤٥ (٢٦١٥٩)، والترمذي (٤٤٤)، والنسائي في الكبرى ٢/ ٣٧ (١٣٥١) من طريق يحيى بن آدم، عن سفيان الثوري، عن سليمان بن مهران الأعمش، عن إبراهيم بن يزيد النخعي، عن الأسود بن يزيد النخعي، به مختصرًا.
وأخرجه الترمذي (٤٤٣)، وابن ماجة (١٣٦٠)، والنسائي في الكبرى ١/ ٢٤٥ (٤٢٦)، وأبو يعلى في مسنده ٨/ ١٨٢ (٤٧٣٧)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ١/ ٢٨٤ (١٦٩٣)، وابن حبّان =

<<  <  ج: ص:  >  >>