للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليه أن مكانَك. فتأخَّر وتقدَّم النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فصلَّى بهم، فلما قضَى صلاتَه قال: "يا أبا بكر، ما لكَ إذْ أومأتُ إليك لم تقُمْ؟ ". قال: ما كان لابن أبي قُحافةَ أن يؤُمَّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال: "يا قومِ، ما بالُكم إذا نابَكم أمرٌ صفَّقْتُم؟ سبِّحوا؛ فإنما التَّصفيقُ للنِّساء" (١).

في هذا الحديث من الفقه أنَّ الصلاةَ إذا خُشِيَ فواتُ وقتِها لم يُنتظَرِ الإمامُ مَن كان، فاضلًا كان أو مفضولًا.

وفيه: أنَّ الإقامةَ إلى المؤذِّن، هو أوْلى بها، وهذا موضعٌ اختلَف العلماءُ فيه:

فذهَب قومٌ إلى أنّ من أذَّن فهو يُقيم، وروَوْا فيه حديثًا عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بإسنادٍ فيه لينٌ (٢)، يدورُ على الإفريقيِّ عبدِ الرحمن بنِ زياد.

وقال مالكٌ وجماعةٌ غيرُه من العلماء: لا بأسَ بأذانِ مؤذِّنٍ وإقامةِ غيرِه (٣).

واستحبَّ الشافعيُّ أن يُقيمَ المؤذِّنُ، فإن أقام غيرُه، فلا بأسَ بذلك عندَه (٤).

وفي حديثِ عبدِ اللَّه بن زيدٍ (٥) ما يدلُّ على أنه لا بأسَ بإقامةِ غيرِ المؤذن، وهو أحسنُ إسنادًا من حديث الإفريقيِّ.


(١) أخرجه أحمد في المسند ٣٧/ ٤٧٤ (٢٢٨١٧)، والطبراني (٥٧٣٩)، وأبو نعيم في الحلية ٣/ ٢٥٠ من طريق يونس بن محمد البغدادي المؤدِّب، به.
وهو عند البخاري (٧١٩٠)، وأبي داود (٩٤١)، والنسائي (٧٩٣) من طرق عن حمّاد بن زيد، به.
(٢) سيأتي تخريجه في أثناء شرح الحديث الخامس والخمسين ليحيى بن سعيد.
(٣) ينظر: المجموع شرح المهذب للنووي ٣/ ١٢١.
(٤) ينظر: مختصر اختلاف العلماء ١/ ١٨٩، والمغني لابن قدامة ١/ ٣٠٢، والمجموع شرح المهذب ٣/ ١٢١.
(٥) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ١١٣ (١٧٢) عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عنه رضي اللَّه عنه، وهو الحديث الخامس والخمسون ليحيى بن سعيد، وسيأتي تخريجه والكلام عليه في موضعه إن شاء اللَّه تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>