للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: يخرُجُ ويقدِّمُ الذي أخرَج. قلت: فإن لم يجِدْه؟ قال: فليُقدَّم غيرَه ممّن أدرَك الصلاة كلَّها (١).

وفيه أن التَّصفيقَ لا يجوزُ في الصلاة لمن نابَه شيءٌ فيها، ولكن يُسبِّحُ، وهذا ما لا خلافَ فيه للرجال؛ وأما النساءُ فإن العلماء اختلَفوا في ذلك؛ فذهب مالكٌ وأصحابُه إلى أن التَّسبيح للرجال والنِّساء جميعًا؛ لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَن نابه شيءٌ في صلاتِه فليُسبِّحْ". ولم يخُصَّ رجالًا من نساءٍ وتأوَّلوا قولَ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنّما التَّصفيقُ للنِّساء". أي: إنما التَّصفيقُ من فِعْلِ النِّساءِ، قال ذلك على جهةِ الذَّمّ، ثم قال: "مَنْ نابَهُ شيءٌ في صلاتِه فليُسَبِّحْ". وهذا على العموم للرجال والنِّساء، هذه حجةُ من ذهَبَ هذا المذهب.

وقال آخرون؛ منهم الشافعيُّ، والأوزاعيُّ، وعُبيدُ اللَّه بنُ الحسن، والحسنُ بنُ حيٍّ، وجماعة (٢): مَن نابَه من الرجال شيءٌ في صلاتِه سبَّح، ومَن نابَه من النساء شيءٌ في صلاتِها صفَّقَت إن شاءَت؛ لأن رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قد فرَّق بين حُكْم النساء والرجال في ذلك، فقال: "التَّصفيقُ للنِّساء، ومَنْ نابَهُ شيءٌ في صلاتِه -يعني منكم يا أيُّها الرجال- فليُسبِّحْ".

واحتجَّ بحديث أبي هريرة: "التَّسبيحُ للرِّجال، والتَّصفيقُ للنِّساء" (٣). ففرَّق بينَ حكم الرجال والنساء. وكذلك رواه جماعةٌ في حديث سهلِ بنِ سعدٍ هذا، قال الأوزاعيُّ (٤): إذا نادَته أمُّه وهو في الصلاة سبَّح، فإن التَّسبيحَ للرجال، والتَّصفيقَ للنساء سنةٌ.


(١) ذكره أبو الوليد ابن رشد في البيان والتحصيل ١/ ٥١٧ في باب (رجل أمَّ قومًا فصلّى بهم ركعة ثم دخل عليه حَدَث. . .). عيسى: هو ابن إبراهيم بن مثرود الغافقي المصري، وابن القاسم: هو عبد الرحمن.
(٢) نقله عنهم الطحاويّ في مختصر اختلاف العلماء ١/ ٣١٠ (٢٦٨).
(٣) سيأتي بإسناد المصنف مع تخريجه بعد قليل.
(٤) نقله عنه الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء ١/ ٣١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>