للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الحديثُ يدخلُ في التفسير المسنَد في قوله عزَّ وجلّ: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ} الآية [الأحزاب: ٥٠]. والموهوبةُ خُصَّ بها رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وحدَه دونَ سائر أمتِه -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ قال اللَّهُ عزَّ وجلَّ: {خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ} [الأحزاب: ٥٠]؛ يعني: من الصَّداق، فلا بدَّ لكلِّ مُسلم من صَداق -قلَّ أو كثُر- على حسب ما للعلماء في ذلك من التحديد في قليلِه دونَ كثيره، على ما نُوردُه في هذا الباب إن شاء اللَّه. وخُصَّ النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بأنَّ الموهوبةَ له جائزةٌ دون صَداق.

وفي القياس: أنّ كلَّ ما يجوزُ البَدَلُ منه والعوضُ جازت هبتُه، إلا أنَّ اللَّه عزَّ وجلَّ حرَّم الأبضاعَ من النساء إلا بالمهور -وهي الصَّدُقاتُ المعلومات- قال اللَّه عزَّ وجلَّ: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء: ٤].

قال أبو عُبيدة: يعني عن طيب نَفْسٍ بالفريضة التي فَرَضها اللَّه من ذلك (١)، دون جَبْر حكومة.

قال (٢): وما أُخِذ بالحكّام فلا يقال له: نِحْلةٌ.

وقد قيل: إن المخاطَبَ بهذه الآية الآباء (٣)؛ لأنهم كانوا يستأثِرون بمهورِ


(١) إلى هنا ينتهي كلام أبي عبيدة في مجاز القرآن ١/ ١١٧.
(٢) والقائل هو ابن قتيبة في غريب القرآن له، ص ١١٩، وليس هو من كلام أبي عبيدة كما يُفهم من ظاهر كلام المصنِّف. وفي المطبوع منه "وما أُخِذ بالحُكم" بدل "وما أُخِذ بالحكّام".
(٣) وإلى هذا ذهب ابن قتيبة في غريب القرآن، ص ١١٩ - ١٢٠، والظاهر أن الخطاب للأزواج، وأوضح ذلك ابن جرير الطبري في تفسيره ٧/ ٥٥٤ فقال: "ولا دلالة في الآية على أنّ الخطاب قد صُرف عنهم إلى غيرهم، فإذا كان ذلك كذلك، فمعلوم أنّ الذين قيل لهم {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} هم الذين قيل لهم {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} وأنّ معناه: وأتوا مَنْ نكحتم من النساء صدقاتهنّ نحلة، لأنه قال في أول الآية: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} ولم يقل: "فأنْكِحوا". =

<<  <  ج: ص:  >  >>