للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بناتهم التي فرَضها اللَّه لهنّ. وقال اللَّهُ عزَّ وجلَّ: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [المائدة: ٥]. يعني: مُهورَهنَّ. وقال في الإماء: {فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [النساء: ٢٥]. يعني: مُهورَهنّ.

وأجمع علماءُ المسلمين أنه لا يجوزُ لأحد أن يطَأَ فَرْجًا وُهِب له وَطؤُه دونَ رَقبتِه بغير صَداق، وأنَّ الموهوبةَ لا تَحِلُّ لأحدٍ غير النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-. واختلفوا في عقدِ النِّكاح بلفظِ الهِبَة -مثل أن يقولَ الرجلُ للرجل (١): قد وَهَبْتُ لك ابنتي أو وليَّتي. وسمَّى صَداقًا أو لم يُسَمِّ- فقال الشافعيُّ: لا يَصحُّ النكاحُ بلفظ الهبة، ولا ينعقدُ حتى يقول: قد أنكَحتُكَ. أو: زوَّجتُكَ (٢).

وممّن أبطَل النكاحَ بلفظِ الهبة: ربيعةُ، والشافعيُّ، ومالكٌ على اختلافِ عنه، وأبو ثور، وأبو عُبيدٍ، وداودُ، وغيرُهم.

وذهَبت طائفةٌ من أصحاب مالكٍ إلى (٣) أن النكاح ينعقِدُ بلفظِ الهبة؛ لأنه لفظٌ يصحُّ للتمليك، والاعتبارُ فيه بالمعنى لا باللفظ (٤).

وقال ابنُ القاسم (٥)، عن مالك: لا تحِلُّ الهبةُ لأحدٍ بعدَ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال:


= وقال الشافعيُّ في الأمّ ٥/ ٦٢ بعد أن ذكر هذه الآية: "فأمر اللَّه الأزواج بأن يؤتوا النساء أجورهن وصدقاتهن، والأجر: هو الصداق، والصداق: هو الأجر والمهر".
(١) هذه اللفظة سقطت من الأصل، د ٣.
(٢) ينظر: الأمّ للشافعي ٥/ ٢٥.
(٣) حرف الجر في بعض النسخ دون بعض.
(٤) ينظر: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٢/ ١٩٢، وبداية المجتهد لابن رشد ٢/ ٣٢.
(٥) في المدوّنة ٢/ ١٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>