للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحتَجُّوا أيضًا بقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اقرَؤوا القرآنَ ولا تأكُلوا به، ولا تَستكْثِرُوا" (١). وهذا يحتملُ التأويل، وكذلك حديثُ عُبادةَ وأُبيٍّ يحتملُ التأويلَ أيضًا؛ لأنه جائزٌ أن يكونَ علَّمه للَّه، ثم أخَذ عليه أجرًا، ونحوَ هذا.

واختلَف الفقهاءُ أيضًا في حُكم المصلِّي بأُجْرة؛ فروَى أشهبُ، عن مالك، أنه سُئِل عن الصلاةِ خلفَ من استُؤْجِر في رمضانَ يقومُ بالناس، فقال: أرجو ألا يكونَ به بأسٌ، إن كان به بأسٌ فعليه (٢).

ورَوَى عنه ابنُ القاسم (٣): أنه كرِهه، وهو أشدُّ كراهيةً له في الفريضة. وقال الشافعي وأصحابُه وأبو ثور: لا بأسَ بذلك، ولا بأسَ بالصلاة خلفَه.

وذكَر الوليدُ بنُ مَزْيَد، عن الأوزاعيِّ، أنه سُئِل عن رَجُلٍ أمَّ قومًا فأخَذ عليه أجرًا، فقال: لا صلاةَ له. وكرِهَهُ أبو حنيفةَ وأصحابُه (٤). وهذه المسألةُ مُعلَّقةٌ من التي قبلَها، وأصلُهما واحدٌ. وفي هذه المسألةِ اعتلالاتٌ يطولُ ذكرُها.


(١) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنّف (٧٨٢٥)، وأحمد في المسند ٢٤/ ٢٨٨ (١٥٥٢٩) و ٢٤/ ٢٩٥ (١٥٥٣٥)، وأبو يعلى في مسنده ٣/ ٨٨ (١٥١٨)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار ١١/ ١٠٩ (٤٣٢٢)، وفي شرح معاني الآثار ٣/ ١٨ (٤٢٩٦) من طرق عن يحيى بن أبي كثير عن أبي راشد الحبْراني عن عبد الرحمن بن شبل، به. ورجال إسناد ثقات غير الحُبْراني، قيل: اسمه أخضر، وقيل: النُّعمان فهو صدوق حسن الحديث، روى عنه جمع كما في تحرير التقريب (٨٠٨٨).
وأخرجه عبد الرزاق في المصنَّف ١٠/ ٣٨٧ (١٩٤٤٤)، وعنه أحمد في المسند ٢٤/ ٤٣٧ (١٥٦٦/ ١)، وعبد بن حُميد في المنتخب (٣١٤) ثلاثتهم عن معمر بن راشد عن يحيى بن أبي كثير، عن زيد بن سلّام عن جدِّه، قال: كتب معاوية إلى عبد الرحمن بن شبل أن علِّم الناسَ ما سمعت من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فجمَعَهم، فقال: إني سمعت رسول اللَّه يقول؛ فذكره. ورجال إسناده ثقات. جدُّ زيد بن سلام: هو ممطور الأسود الحبشي، أبو سلّام.
(٢) ذكره أبو الوليد محمد بن أحمد بن رشد في البيان والتحصيل لمسائل المستخرجة ١/ ٤٦٩.
(٣) في المدوّنة ٣/ ٤٣٢.
(٤) ينظر: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٤/ ٩٩ - ١٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>