للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليها (١)، وأنه لا يُقالُ للزوج: اغْرَمْ عليها الزكاة، ثم تدخُلُ. وبأنه لو كانت بينَهما لم تجبْ عليها في أربعين شاةً أو خمس ذَوْدٍ زكاةٌ، فلمّا أوجبُوا عليها الزكاةَ في ذلك، عُلِم أنها كلَّها على مِلْكِها.

وبهذا القول قال الشافعيُّ وأصحابُه (٢). واعتلُّوا بالإجماع على أن الصَّداقَ إذا قبَضتْه وكان مُعيَّنًا في غير ذمةِ الزوج، وهلَك قبل الدخول، كان منها، وكان له أن يَدخُلَ بها بغير شيءٍ، وبأنها لو كانَ الصَّداقُ أباها، عتَق عليها عَقِبَ العقدِ قبلَ الدخول بلا خلاف. واحتجُّوا أيضًا بقول اللَّه عزَّ وجلَّ: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء: ٤]. فأمَر بتسليم الصداق إليها، فوجَب مِلْكُه لها، وشبَّهوا سقوطَه بالطلاق قبلَ الدخول -بعدَ وجوبِه وثُبوته- بالبائع يَرجِعُ إليه عينُ مالِه عندَ فَلَس المُبتاع منه. وطم في ذلك ضُروبٌ من الكلام يكفي منه ما ذكرنا، وهو عينُه، وعليه مدارُه. والحمدُ للَّه.

وفيه إجازةُ اتخاذِ خاتَم الحديد، وقد اختلَف العلماءُ في جوازِ لباسِ خاتَم الحديد على ما بيَّنَّا في باب عبدِ اللَّه بنِ دينار (٣). والحمدُ للَّه.

وفيه أيضًا دليلٌ على أن تعليمَ القرآن جائزٌ أن يكونَ مَهْرًا، وهذا موضعٌ اختلَف فيه الفقهاء؛ فقال مالكٌ وأبو حنيفةَ وأصحابُهما: لا يكونُ القرآنُ ولا تعليمُ القرآنِ مهْرًا. وهو قولُ الليث (٤). وحُجَّةُ مَن ذهب هذا المذهبَ أن الفُروجَ لا تُستباحُ إلا بالأموال؛ لذكر اللَّه الطَّوْلَ في النكاح، والطَّوْلُ: المال، والقرآنُ ليس


(١) في الأصل، م: "في الماشية نفسها عليه"، والمثبت من د ٢، د ٣.
(٢) ينظر: الأمّ للشافعي ٥/ ١٢١.
(٣) سلف في الحديث الثامن عشر له.
(٤) ينظر: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٢/ ٢٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>