للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمال، وقال اللَّه عزَّ وجلَّ: {أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} [النساء: ٢٤]. والقرآنُ ليسَ بمال، ولأن التعليمَ من المعلِّم والمتعلِّم يختلِفُ ولا يكادُ يُضبطُ، فأشبهَ الشيءَ المجهول. قالوا: ومعنى ما رُوِيَ عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "قد أنكَحتُكها بما معك من القرآن". فإنما هو على جهةِ التعظيم للقرآنِ وأهلِه، لا على أنه مَهْرٌ، وإنما زوَّجَه إيّاها لكونِه من أهلِ القرآن، كما روَى أنسٌ أنّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- زوَّج أبا طلحة أُمَّ سُلَيم على إسلامه، والمهرُ مسكوتٌ عنه؛ لأنه معهودُ معلومٌ أنه لا بدَّ منه.

أخبرنا إبراهيمُ بنُ شاكر (١)، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ أحمد (٢)، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ أيوب، قال: حدَّثنا أحمدُ بنُ عمرو البزّار، قال (٣): حدَّثنا أحمدُ بنُ سنانٍ الواسطيُّ، قال: حدَّثنا يزيدُ بنُ هارون، قال: أخبرَنا حمادُ بنُ سلمة، عن ثابتٍ


(١) إبراهيم بن شاكر: هو أبو إسحاق القرطبي، وشيخه محمد بن أحمد: هو ابن يحيى بن مفرّج القاضي، ومحمد بن أيوب: هو أبو الحسن الرَّقّي المعروف بالصّمُوت.
(٢) قوله: "حدثنا محمد بن أحمد" سقط من الأصل.
(٣) في مسنده ١٣/ ٩١ (٦٤٤٨)، وأخرجه النسائي في الكبرى ٥/ ١٧٩ (٥٣٧٤) عن أحمد بن سنان الواسطيّ، به.
وأخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء ٢/ ٦٠، وفي معرفة الصحابة ٦/ ٣٥٠٤، ومن طريقه ابن الجوزي في التحقيق في مسائل الخلاف ٢/ ٢٦٧ (١٧٢٣) كلاهما عن محمد بن عليّ بن مسلم العقيلي، عن الحسين بن محمد بن حمّاد عند أحمد بن سنان الواسطي، به.
وهو عند ابن أبي شيبة في المصنَّف (١٧٩٤٦) عن يزيد بن هارون، به. وهو عند أبي بكر محمد بن عبد اللَّه الشافعي البزّاز في الغيلانيات (٣١٧)، وأبي القاسم الحنّائي في فوائده المشهورة بالحنائيات ٢/ ٨٩٥ (١٧٧) من طريق أبي جعفر محمد بن مسلمة الواسطي عن يزيد بن هارون، به. وعندهم جميعًا بلفظ: "نَجَرها حبشيٌّ بني فلان" بدل "نحتها عبد بني فلان" إلّا البزار فوقع عنده بلفظ: "نَجَرها عبدي فلانٌ"، وقال ابن الجوزي بإثره: "فيه نظرٌ؛ لأنه لا خلاف أنّ أبا طلحة شهد العقبة مسلمًا، والعقبةُ قبل الهجرة، وقد مرَّ رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأنسُ بن مالك ابنُ عشر، فإنْ كان زوَّج أُمَّه فقد زوَّجها وهو ابن سبع أو ثمان، ومثلُ هذا ليس بوليٍّ، ثم كان هذا قبل تقرير الأحكام". وينظر: تنقيح التحقيق لابن عبد الهادي ٤/ ٣٢٢، وتنقيح التحقيق للذهبي ٢/ ١٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>