للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جعَل امرأةً تعلِّمُها (١). ومن الحجَّة لمذهبِ الشافعيِّ في ذلك أنَّ الحديثَ الثابتَ ورَد بأنَّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- زوَّج ذلك الرجلَ تلك المرأةَ على تعليمِه إيّاها سورًا سمّاها، ولأن تعليمَ القرآن يصِحُّ أخْذُ الأجرة عليه، فجاز أن يكونَ صَداقًا.

قالوا: ولا وجهَ لقول من قال: إن ذلك كان من أجل حُرمة القرآن، ومن أجل كونِه من أهل القرآن؛ لأنَّ في الحديث ما يُبطِلُ هذا التأويل؛ لأنه قال له: "التمِسْ شيئًا". ثم قال له: "التمِسْ ولو خاتمًا من حديد". ثم قال له: "هل معك من القرآن شيءٌ؟ ". فقال: سورةُ كذا. فقال: "قد زوَّجتكَها بما معكَ من القرآن"؛ أي بأن تعلِّمَها تلك السورةَ من القرآن.

قال أبو عُمر: دعوى التعليم على الحديث دعوى باطل لا يصحُّ، وتأويلُ الشافعيِّ على ما ذكَرْنا في هذا الباب محتملٌ، فأما دعوى الخصوص، فضعيفٌ لا وجهَ له، ولا دليلَ عليه، وأكثرُ أهل العلم لا يُجيزون ما قال الشافعيُّ، وأولى ما قيل به في هذا الباب قولُ مالكٍ ومَن تابَعه إن شاء اللَّه، واللَّه الموفق للصّواب.

وقد أخبرنا أحمدُ بنُ عبد اللَّه بنِ محمد، عن أبيه، عن محمدِ بنِ عمرَ بنِ لُبابة، قال: أخبَرنا مالكُ بنُ عليٍّ القرشيُّ، عن يحيى بن يحيى، أن يحيى بنَ مُضَرَ حدَّثه، عن مالك بن أنس في الذي أمَره النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أن ينكِحَ بما معه من القرآن، أن ذلك في أجرتِه على تعليمِها ما معه (٢).


(١) ينظر: المجموع شرح المهذّب للنووي ١٦/ ٣٣١.
(٢) جاء في حاشية الأصل: "بلغت المقابلة بحمد اللَّه وحسن عونه".

<<  <  ج: ص:  >  >>