للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلَفوا في الجماعة يَشتَركون في قتل الصيد؛ فقال مالك: إذا قتَل جماعةٌ محرِمون صيدًا، أو جماعةٌ مُحِلُّون في الحَرَم صيدًا، فعلى كلِّ واحدٍ منهم جزاءٌ كامل (١). وبه قال الثوريُّ، والحسنُ بنُ حيٍّ. وهو قولُ الحسن البصريِّ، والنخَعيِّ، والشَّعْبيِّ (٢)، وروايةٌ عن عطاء (٣).

وقال أبو حنيفة (٤) وأصحابُه: إذا قتَل جماعةٌ مُحرِمون صيدًا، فعلى كلِّ واحدٍ منهم جزاءٌ كاملٌ، وإن قتَل جماعةٌ مُحلُّون صيدًا في الحرَم، فعلى جماعتِهم جزاءٌ واحدٌ.

وقال الشافعيُّ (٥): عليهم كلِّهم جزاءٌ واحدٌ، وسواءٌ كانوا مُحرِمين أو مُحلِّين في الحرَم. وهو قولُ عطاء، والزهريِّ (٦). وبه قال أحمدُ، وإسحاقُ، وأبو ثور (٧).

ورُوِي عن عمرَ، وعبدِ الرحمن بنِ عوف، أنهما حكَما على رجلَيْن أصابا ظَبْيًا بشاة (٨).


(١) ينظر: المدوّنة ١/ ٤٤٣، والتهذيب في اختصار المدوّنة للقيرواني ١/ ٦١٦ (٩٩٠).
(٢) قوله: "والشعبي" سقط من الأصل، م، وهو ثابت في بقية النسخ.
(٣) نقله عن بعضهم الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء ٢/ ٢١٦، والشاشي في حلية العلماء ٣/ ٢٥٣، وابن رشد في بداية المجتهد ٢/ ١٢٣.
(٤) نقله عن أبي حنيفة محمد بن الحسن الشيباني في الأصل المعروف بالمبسوط ٢/ ٤٣٨ و ٥٥٣، وينظر: بداية المجتهد لابن رشد ٢/ ١٢٣.
(٥) في الأم ٢/ ٢٢٧.
(٦) ينظر: المصنّف لعبد الرزاق ٤/ ٤٣٦ (٨٣٥٣) و (٨٣٥٤)، ولابن أبي شيبة (باب في القوم يشتركون في الصيد وهم محرمون) ٤/ ١٦ - ١٨.
(٧) ينظر: مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهوية لإسحاق بن منصور ٥/ ٢٢٤٢ (١٥٢٢)، والمغني لابن قدامة ٣/ ٤٥١.
(٨) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٥٥٣ - ٥٥٤ (١٢٤٠)، وعنه الشافعي في الأمّ ٧/ ٢٥٤ كلاهما عن عبد الملك بن قُرير عن محمد بن سيرين: أن رجلًا جاء إلى عمر بن الخطاب فقال: إني أجريت أنا وصاحب لي فرسين، نستبق إلى ثُغرة ثنيّة، فأصبْنا ظبيًا ونحن محرمان، فماذا ترى؟ وفيه قول عمر في آخره: "لو أنك أخبرتني أنك تقرأ سورة المائدة لأوجعتُك ضربًا، ثم قال: إن اللَّه تبارك وتعالى يقول في كتابه: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: ٩٥] وهذا عبد الرحمن بن عوف.

<<  <  ج: ص:  >  >>