عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- من وُجوهٍ: يومُ الفِطْر، ويومُ النَّحْر، وأيّامُ التّشْريقِ أيّامُ أكْلٍ وشَرْب.
وقد أجمعَ العلماءُ على أنّ يومَ عرفةَ جائزٌ صيامُه للمُتمتِّع إذا لم يجِدْ هدْيًا، وأنّه جائزٌ صيامُه بغير مكّةَ، ومَنْ كرِهَ صوْمَه بعرفةَ فإنّما كرِهَه من أجْلِ الضَّعْفِ عن الدُّعاء والعَمل في ذلكَ الموقفِ والنّصَبِ للَّه فيه، فإنّ صيامَهُ قادرًا على الإتيانِ بما كُلِّفَ منَ العمل بعرفةَ بغيرِ حرَجٍ ولا إثم.
وفي حديث موسى بن عُلَيٍّ هذا ذِكْرُ عرفةَ وهذا حُكْمُه، وذِكرُ يوم النّحْر، وقد أجمَعُوا على أنه لا يحِلُّ لأحدٍ صومُه، وذِكْرُ أيّام التّشْريقِ وقدِ اختَلفَ العلماءُ في صيامِها للمُتمتِّع وغيرِه على ما يأتي ذِكْرُه في موضعِه من هذا الكتاب إن شاء اللَّه.
= أنه مُتقِنٌ لحديثه حافظٌ لما يرويه، فقد نقل ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ٨/ ١٥٤ (٦٩١) عن أبيه قوله: "كان رجلًا صالحًا، وكان يُتقِنُ حديثه، لا يزيد ولا ينقص، صالح الحديث، وكان من ثقات المصريين". ووثّقه أحمد بن حنبل والبخاري ويحيى بن معين وابن سعد والنسائي وغيرهم، ولم يذكر أحدٌ منهم ما ذكره المصنِّف بشأن ما ينفرد بروايته عن أبيه من كونها ضعيفة، وهذا الحديث حكم بصحَّته الترمذي وابن خزيمة وابن حبّان والحاكم، فجعلوا زيادته من قبيل زيادة الثقة التي تخلو من المنافاة للأحاديث الثابتة في استحباب صوم يوم عرفة لإمكان حمله على حاضري عرفة، وإلى هذا ذهب ابن جرير الطبري في تهذيب الآثار ١/ ٣٥٠ (مسند عمر) فقال بعد أن ساق بإسناده الروايات التي تبدو في ظاهرها متعارضة ومن بينها حديث موسى بن علي بن رباح عن أبيه: "إن جميع هذه الأخبار صحاحٌ، ومعانيها متّفقة غير مختلفة، وبعض ذلك يؤيِّد بعضًا، وبعضه يُصحِّح بعضًا" وقال: "وليس في قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يوم عرفة ويوم النحر، وأيام التشريق. . . " دلالة على نهيه عن صوم شيء من ذلك. . . فكذلك يوم عرفة لا يمنع كونه عيدًا من أن يصومه بغير عرفة مَن أراد صومه، بل له على ذلك الثواب الجزيل والأجر العظيم". ونحو ذلك ذكر الطحاوي في شرح مشكل الآثار ٧/ ٤١١، وقال ابن رجب في فتح الباري له ١/ ١٧٣ بخصوص هذا الحديث: "وحمله بعضهم على أهل الموقف، وهو الأصح".