للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد روَى الليثُ، عن يحيى بن أيوبَ، عن محمدِ بنِ عمرَ بنِ عليٍّ، عن عباسِ بنِ عُبيدِ اللَّه بنِ عباس، عن الفضلِ بنِ عباس، قال (١): أتانا رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ونحن في بادية- ومعه عباسٌ، فصلَّى في صحراءَ ليس بينَ يدَيه سُتْرَةٌ، وحمارةٌ لنا وكلبةٌ تَعْبَثان بينَ يدَيه، فما بالى بذلك.

ذكَره أبو داود (٢)، عن عبدِ الملك بنِ شُعيبِ بنِ الليث، عن أبيه، عن جدِّه.

ففي هذا الحديث ما يدُلُّ على أن الحمارَ والكلبَ لا يَقطَعان الصلاة، ومن جهةِ النظَر لا يجبُ أن يُحكَمَ بقطع الصلاة لشيءٍ من الأشياء إلا بما لا تنازُعَ فيه، وقد تعارَضَت الآثارُ في هذا الباب واضطَرَبت، والأصلُ أن الحُكْم لا يجبُ إلّا بيقين.

وقد روَى مُجالدٌ، عن أبي الودّاك، عن أبي سعيدٍ الخُدريِّ، قال: قال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يقطَعُ الصَّلاةَ شيءٌ، وادْرَؤوا ما استطعْتم، فإنما هو شيطانٌ" (٣).

وقد ذكَرْنا أخبارَ هذا الباب مُستَوعَبَة، وذكَرْنا ما للعلماء في ذلك في باب ابنِ شهابٍ من هذا الكتاب (٤).

وأما قوله في حديثِنا في هذا الباب: "ورِجلايَ في قِبْلتِه، فإذا سجَد غمزَني فقبَضْتُ رِجليَّ" وفي حديث القاسم، عن عائشة: "غمَز رجْليَّ فضمَمْتُهما إليَّ". ففيه دليلٌ على أنَّ المُلامَسة لا تنقُضُ الطَّهارة، ما لم يكُنْ معها اللَّذة، وهذا مما نزَع به واستدَلَّ جماعةٌ من أصحابِنا في باب المُلامَسة.


(١) من هنا إلى قوله: "ليس بين يديه ستر" سقط من د ٢.
(٢) في سننه (٧١٨)، وإسناده ضعيف لجهالة عباس بن عبيد اللَّه: وهو ابن العباس بن عبد المطلب، قال ابن القطّان: "لا يُعرف حاله" ولانقطاعه، فإنه لم يدرك عمَّه الفضل، قال العلائي في تحفة التحصيل، ص ١٦٩ بعد أن ذكر له هذا الحديث، فيما نقله عن ابن حزم: "هذا باطل، والعباس بن عبيد اللَّه لم يُدرك عمَّه الفضل"، وقال الحافظ ابن حجر في التهذيب ٥/ ١٢٣: وهو كما قال.
(٣) سلف بإسناد المصنِّف من هذا الطريق مع تخريجه في أثناء شرح الحديث السابع عشر لزيد بن أسلم عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري.
(٤) سلف ذلك في الحديث الأول لابن شهاب الزُّهري عن عُبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة بن مسعود.

<<  <  ج: ص:  >  >>