للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قرَأتُ على أبي عمرَ أحمدَ بنِ عبدِ اللَّه بنِ محمد، أنَّ أباه أخبَرَه قال: أخبَرنا محمدُ بنُ عمرَ بنِ لُبابة، قال: حدَّثني قاسمُ بنُ محمد. قال: وحدَّثني محمد بن قاسم بن محمد، قال (١): حدَّثنا أبي، قال: قال لي المُزَنيُّ: من أين قال مالكُ بنُ أنس: إنه مَن لمَس لشَهْوةٍ انتَقَض وُضوؤه، ومَن لمَس لغيرِ شهوةٍ لم ينتَقِضْ عليه وُضوؤه؟ فقلت له: قال اللَّهُ عزَّ وجلَّ: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} الآية [النساء: ٤٣، المائدة: ٦]. فكان واجبًا بظاهرِ الآيةِ انتِقاضُ وُضوءِ كلِّ مُلامِسٍ كيف لامَس، فدلَّت السُّنةُ على أنَّ الوضوءَ على بعض الملامسِينَ دونَ بعض. فقال: وأين السُّنة؟ فقلت له: حديثُ عائشة: فقَدْتُ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فطلَبْتُه، فوضَعْتُ يدِي على قدَميه، وهو ساجدٌ يقول: "أعوذُ برِضاكَ من سخطِكَ، وبعَفْوِكَ من عقُوبَتِكَ، وبكَ منكَ، لا أُحْصي ثناءً عليك، أنتَ كما أثنيتَ على نفسِكَ" (٢). قال قاسم: فلمّا وضَعَت يدَها على قدَمِه وهو ساجدٌ، وتمَادَى في سجُودِه -كان دليلًا على


(١) قوله: "وحدثني محمد بن قاسم بن محمد، قال" حذفها ناشر م متعمدًا مع أنها وردت في النسخ، وقال: "ولا يستقيم ذلك مع ما بعده ولذا لم نثبته"، وأخطأ في ذلك، فإن ابن لبابة روى هذا الخبر عن القاسم بن محمد -وهو ابن قاسم بن سيار القرطبي المعروف بصاحب الوثائق- وهو الذي أخذ في رحلته عن المزني، ثم أخذ الخبر عن ولده محمد بن القاسم عن أبيه القاسم بن محمد، فوالد القاسم بن محمد لا علاقة له بالمزني ولم يلقه. وتنظر ترجمة القاسم بن محمد في تاريخ ابن الفرضي ١/ ٤٥٦ - ٤٥٨ (١٠٤٧)، وفي ترتيب المدارك ٤/ ٤٤٦، وتاريخ الإسلام ٦/ ٥٨٩، وسير أعلام النبلاء ١٣/ ٣٢٧. أما ترجمة ابنه محمد بن القاسم بن محمد فهي في تاريخ ابن الفرضي ٢/ ٦٣، وترتيب المدارك ٥/ ١٧٩، وتاريخ الإسلام ٧/ ٥٤٠ وسير أعلام النبلاء ١٥/ ٢٥٤.
(٢) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٢٩٤ (٥٧١) عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التّيميّ عن عائشة رضي اللَّه عنها، وهو الحديث الثامن والثلاثون ليحيى بن سعيد، وإسناده منقطع، محمد بن إبراهيم التيمي لم يسمع من عائشة، وسيأتي في موضعه مع الكلام عليه.
وأخرجه مسندًا موصولًا أحمد في المسند ٤٢/ ٤٣٧ (٢٥٦٥٥)، ومسلم (٤٨٦) من حديث أبي هريرة عن عائشة رضي اللَّه عنهما، وسيشير إلى ذلك المصنِّف قريبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>