للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال سفيانُ الثوريُّ وأبو حنيفة والأوزاعيُّ وأكثرُ أهل العراق وطائفةٌ من أهل الحجاز: المُلامَسةُ التي ذكَر اللَّهُ عزَّ وجلّ في كتابه في قوله: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ}. أو "لَمَسْتم" (١)، على ما قُرِئَ من ذلك كلِّه -هي الجماعُ نفسُه الموجبُ للغسل، وأدْنى ذلك مسُّ الختانِ الختانَ، وأما ما كان دونَ ذلك من القُبْلةِ والجسَّةِ وغيرِها، فليس من المُلامَسة، ولا يَنقُضُ الوُضوء. وهو مذهبُ ابن عباس، ومَسْروق، وعطاء، والحسن، وطاووس، ورُوِيَ عن عليِّ بن أبي طالب مثل ذلك (٢).

وقال الثوريُّ: من قبَّل امرأتَه وهو على وُضوءٍ لم أرَ عليه وُضوءًا (٣).

وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمدٌ: مَن قبَّل امرأتَه أو لمَسها (٤) أو باشَرها لشهوةٍ أو لغيرِ شهوةٍ، فلا وُضوءَ عليه إلا أن يَنتَشِرَ، ومَن قصَد مسَّها لشهوةٍ ليس بينَهما ثوب، فمسَّها وانتشَر، فإنْ كان هذا انتقَض وضوؤُه عندَ أبي حنيفةَ وأبي يوسف (٥). وقال محمدٌ: لا ينتَقِضُ وضوؤه إلا أن يَخرُجَ منه مَذْيٌ أو غيرُه (٦).

وقد قال الأوزاعيُّ في الذي يُقبِّلُ امرأتَه: إن جاء يسألُني قلت: يتوضأ،


(١) كذا قرأها حمزة والكسائي بغير ألف، وقرأ الباقون: {أَوْ لَامَسْتُمُ} بالألف. ينظر: معاني القراءات للأزهري ١/ ٣١٠، والسبعة في القراءات لابن مجاهد، ص ٢٣٤.
(٢) ينظر: المصنّف لعبد الرزاق ١/ ١٣٢ - ١٣٦ (باب الوضوء من القُبلة واللَّمس والمباشرة، ولابن أبي شيبة (١٧٦٨) و (١٧٧١) و (١٧٧٢) و (١٧٧٧)، وجامع البيان لابن جرير الطبري ٨/ ٣٨٩، والأوسط لابن المنذر ١/ ٢٢٧.
(٣) ينظر: الأوسط لابن المنذر ١/ ٢٣١.
(٤) في م: "لامسها"، والمثبت من النسخ، وهو الذي في المبسوط للشيباني ١/ ٤٧.
(٥) ذكر ذلك محمد بن الحسن الشيباني في الأصل المعروف بالمبسوط له ١/ ٤٧ - ٤٨ وقال: "هذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف". وينظر: الأوسط لابن المنذر ١/ ٢٣٢.
(٦) نصَّ على ذلك في الأصل المعروف بالمبسوط له ١/ ٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>