للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: ولا معنَى لطَعْنِ مَن طعَن على حديثِ حبيبِ بنِ أبي ثابت، عن عُروةَ في هذا الباب؛ لأن حبيبًا ثقةٌ، ولا يُشَكُّ أنه أدْرَك عُروةَ وسمِع ممّن هو أقْدَمُ من عُروة، فغيرُ مُسْتنكَرٍ أن يكونَ سمِع هذا الحديثَ من عُروة (١)، فإن لم يكنْ سمِعه منه، فإن أهلَ العلم لم يزالوا يَرْوُون المُرسَل من الحديثِ والمُنقَطِع، ويَحتَجُّون به إذا تقارَب عصرُ المُرْسِلِ والمُرْسَلِ عنه، ولم يُعرَف المُرسِلُ بالرِّواية عن الضُّعفاء والأخذِ عنهم؛ ألا ترَى أنهم قد أجمَعوا على الاحتِجاج بحديثِ ابنِ عباس، عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-, وجُلُّه مَراسيل، والقولُ في روايةِ إبراهيمَ التَّيْميِّ، عن عائشةَ مثلُ ذلك؛ لأنه لم يَلْقَ عائشةَ، وهو ثقةٌ فيما يُرسِلُ ويُسنِدُ. قالوا: وقد رُوِيَ هذا الخبر، عن عائشةَ من وجوه، وإن كان بعضُها مُرسَلًا، فإن الطُّرقَ إذا كثُرَت قوَّى بعضُها بعضًا (٢).


= ويحيى بن سعيد القطان عن أبي داود (١٧٨)، والنسائي (١٧٠) وغيرهم عن سفيان الثوري عنه عن إبراهيم التيمي عن عائشة رضي اللَّه عنها، وخالفهم أبو حنيفة كما عند الدارقطني ١/ ٢٥٧ (٥٠٣)، ومن طريقه البيهقي في الخلافيات (٤٤٤) فرواه عنه فقال: عن إبراهيم -يعني التيمي- عن حفصة زوج النبيّ، به بنحوه. فجعله من حديث حفصة رضي اللَّه عنها، وإبراهيم التيمي لم يسمع منها. قال النسائي: "ليس في هذا الباب حديث أحسن من هذا الحديث وإن كان مرسلًا".
(١) هكذا قال، وليس من دليل على صحة سماع حبيب من عروة، فقد يعاصر الإنسان شخصًا ما ولا يسمع منه، وقد نبّه جهابذة العلماء إلى خطأ هذه الرواية كما بيّنا في التعليق السابق.
واستدل بعض من صحح هذا الحديث بمتابعة مزعومة لهشام بن عروة عن أبيه، عن عائشة رواها الدارقطني في سننه ١/ ٢٤٧ (٤٨٨) من طريق حاجب بن سليمان عن وكيع، عن هشام بن عروة، به، لكن الإمام الدارقطني عَدّ هذا الحديث من أوهام حاجب بن سليمان، وأن الصحيح فيه أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يقبّل وهو صائم.
(٢) ذكر هذه الوجوه وساقها بأسانيدها وتكلَّم عليها الزيلعيُّ في نصب الراية ١/ ٧٠ - ٧٥، ولكن كلها ضعيفة، فالضعيف لا يقوي الضعيف، بل يزيده ضعفًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>