للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد قال الشافعيُّ (١) بمصر: إذا أفْضَى الرجلُ بيدِه إلى امرأته، أو ببعض جسدِه، لا حائلَ بينَها وبينَه لشهوةٍ ولغيرِ شهوةٍ وجَب عليه الوضوء، وكذلك إن لَمَستْه هي وجَب عليها وعليه الوضوء، وسواءٌ في ذلك أيُّ بدَنَيْهما أفضَى إلى الآخرِ إذا مسَّت البشرةُ البشرةَ إلا الشَّعَرَ خاصةً، فلا وضوءَ على مَن مسَّ شعَرَ امرأتِه؛ لشهوةٍ كان أو لغيرِ شهوةٍ، والشَّعرُ مُخالفٌ للبشرة، ولو احْتاط فتوضَّأ إذا مسَّ شعرَها كان حسنًا، ولو مسَّها بيدِه أو مسَّته بيدِها من فوقِ الثوب فالتَذَّا لذلك أم لا يَلتَذَّا لم يكنْ عليهما شيءٌ حتى يُفضِيا إلى البشرة. قال: ولا معنى للذةٍ من فوق الثوبِ ولا من تحتِه، ولا معنى للشهوةِ في القُبْلة، وإنما المعنى للفعل.

قال أبو عبدِ اللَّه محمدُ (٢) بنُ نصْر المَرْوَزيُّ: فهذا مذهبُ الشافعيِّ فيمن وافَقَه من أصحابه. وهو قولُ مكحول، والأوزاعيِّ، وسعيدِ بنِ عبدِ العزيز، وجماعة (٣). هكذا حكَى المَرْوَزيُّ عنهم.

وأما الطبريُّ، فذكَر عن الأوزاعيِّ ما تقدَّم ذكرُنا له، وكذلك ذكَر الطَّحاوي (٤) أيضًا عن الأوزاعيِّ، كما حكى الطبريُّ أن لمسَ المرأةِ لا وُضوءَ فيه على حال.

وقال المروزيُّ في (٥) قول الشافعيِّ هذا: هو أشبَهُ بظاهرِ الكتاب؛ لأن اللَّهَ عزَّ وجلّ قال: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ}. وأ يقل: لشهوةٍ ولا من غيرِ (٦) شهوةٍ. قال: وكذلك الذين أوجَبوا في ذلك الوضوءَ من أصحابِ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يشتَرِطوا الشهوة. قال: وكذلك عامةُ التابعين. قال: وقد احتَج بعضُ مَن ذهَب هذا المذهبَ بأن قال: قد اجْتمَعَتِ الأمةُ أنَّ رجلًا لو استَكْرَه امرأةً فمسَّ ختانُه ختانَها، وهي لا تَلتَذُّ بذلك،


(١) في الأمّ ١/ ٢٩.
(٢) قوله: "محمد" سقط من د ٢.
(٣) ينظر: الأوسط لابن المنذر ١/ ٢٣١، والمغني لابن قدامة ١/ ١٤٢.
(٤) في مختصر اختلاف العلماء ٢/ ٢٠٢.
(٥) سقط حرف الجر من الأصل، م.
(٦) لفظة "غير" سقطت من الأصل، م، وهي ثابتة في بقية النسخ والسياق يقتضيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>