للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو كانت نائمة، فلم تَلْتَذَّ ولم تَشْتَه - أن الغُسلَ واجبٌ عليهما. قالوا: فكذلك مَن مسَّ امرأتَه لشهوةٍ أو لغيرِ شهوة، أو قبَّلها لشهوةٍ أو لغيرِ شهوةٍ، انتقَضَت طهارتُه، ووجَب عليه الوضوءُ؛ لأن المعنى في الجسَّةِ واللَّمْس والقُبْلةِ للفعلِ لا للَّذَّة.

قال أبو عُمر: القولُ الصحيحُ في هذا الباب ما ذهَب إليه مالكٌ والقائلون بقوله، واللَّهُ أعلم؛ لأن الصحابةَ رضي اللَّهُ عنهم لم يَأتِ عنهم في معنى المُلامَسة إلا قولان؛ أحدُهما، الجِماعُ. والآخر، ما دونَ الجماع. والقائلون منهم بأنه ما دونَ الجماع (١) إنما أرادوا ما يَلتَذُّ به مما ليس بجماع، ولم يُريدوا من اللَّمسِ اللَّطمَ واللَّمسَ بغيرِ لذَّةٍ؛ لأن ذلك ليس من جنس (٢) الجِماع، ولا يُشبِهُه، ولا يؤولُ إليه، ولمّا لم يَجُزْ أن يقال: إن اللَّمسَ أُريد به اللَّطمُ وغيرُه. لتبايُن ذلك من الجماع، لم يَبْقَ إلا أن يقال: إنه ما وقَع به الالتذاذُ؛ لإجماعِهم على أنَّ من لطمَ امرأتَه، أو داوَى جُرحَها، أو المرأةُ تُرضِعُ ولدَها، أن (٣) لا وُضوءَ على هؤلاء، واللَّهُ أعلم.

قال أبو عبد اللَّه بنُ نصر: فأما ما ذهَب إليه مالكٌ من مراعاةِ الشهوةِ واللذةِ لمن لمَس امرأتَه من فوق الثوب، وتَلذَّذ بمسِّها (٤) أنه قد وجَب عليه الوضوء، فقد وافقَه على ذلك الليثُ بنُ سعد. قال المَروَزيُّ: ولا نَعلَمُ أحدًا قال ذلك غيرَهما. قال: ولا يَصِحُّ ذلك في النظر؛ لأن مَن فعَل ذلك فهو غيرُ لامِسٍ لامرأتِه، وغيرُ مماسٍّ لها في الحقيقة، إنما هو لامِسٌ لثوبها.

وقد أجمَعوا أنه لو تلَذَّذ واشتَهَى دونَ أن يلمِسَ لم يجِبْ عليه وضوءٌ، فكذلك مَن مس من فوق (٥) الثوب؛ لأنه غيرُ لامسٍ للمرأة. هذا (٦) جملةُ ما احتَج به


(١) قوله: "والقائلون منهم بأنه ما دون الجماع" سقط من د ٢.
(٢) سقطت هذه اللفظة من م.
(٣) سقط هذا الحرف من الأصل، م.
(٤) في د ٢: "وتلذذ بها".
(٥) في الأصل، د ٣، م: "من لمس فوق"، والمثبت من د ٢.
(٦) في د ٢: "وهذه".

<<  <  ج: ص:  >  >>