للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالوا: ألا ترى أنَّ عائشةَ أُمَّ المؤمنين لم ترَ إنكارَهم حجةً، وإنَّما رأتِ الحجَّةَ فيما عَلِمَتْه من السُّنة؟

قال أبو عُمر: القولُ في هذا الباب يتَّسعُ، وقد أكثرَ فيه المُخالِفون، وليس هذا موضعَ تلخيص حُجَّتِهم، وللقولِ في ذلك موضعٌ غيرُ هذا.

وأمّا اختلافُ الفقهاءِ في الصلاةِ على الجنائزِ في المسجد، فروَى ابنُ القاسم (١)، عن مالك، أنه قال: لا يُصلَّى على الجنائز في المسجد، ولا يُدخَلُ بها المسجدَ. قال: وإن صُلِّيَ عليها عندَ بابِ المسجدِ وتضايقَ الناسُ وتَزاحَموا، فلا بأسَ أن يكونَ بعضُ الصفوفِ في المسجد.

وقد قال في كتاب الاعتكافِ من "المُدوَّنة" (٢) في صلاةِ المُعتكفِ على الجنازةِ في المسجدِ ما يدلُّ على أنّه معروفٌ عندَه الصلاةُ على الجِنار في المسجد. قال ابنُ نافع: قال مالكٌ في المعتكف: وإن انتهَى إليه زحامُ الناس الذين يُصلُّون على الجِنازة وهو في المسجد، فإنه لا يُصلَّى عليها.

وهو قولُ أبي حنيفة، ومحمدِ بن الحسن (٣): أنه لا يُصلَّى على الجنائز في المسجد. وأجاز ذلك أبو يوسُف.

وقال الشافعيُّ وأصحابُه وأحمدُ بنُ حنبل وإسحاقُ وأبو ثور وداود: لا بأسَ أن يُصلَّى على الجنائز في المسجدِ من ضيقٍ وغيرِ ضيقٍ على كلِّ حال، وهو قولُ عامّةِ أهلِ الحديث (٤). واحتَجُّوا بأنّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- صلَّى على ابنَي بيضاءَ في المسجد، وأنَّ أبا بكر صُلِّي عليه في المسجد، وأنَّ عمرَ صُلِّي عليه في المسجد.


(١) في المدوّنة ١/ ٢٩٣.
(٢) المدونة ١/ ٢٩٣.
(٣) ينظر: المبسوط للسرخسي ٢/ ٦٨.
(٤) ينظر: الأم للشافعي ٧/ ٢٢٢، والأوسط لابن المنذر ٥/ ٤٥٥، ومسائل الإمام أحمد رواية أبي داود، ص ٢٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>