للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن صالح مولى التوأمة، عن أبي هريرة، عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "مَن صلَّى على جِنازةٍ في المسجدِ فلا شيءَ له".

قال البغويُّ (١): وقد روَى هذا الحديثَ سفيانُ الثوريُّ، عن ابن أبي ذئب، قال: حدَّثني به أحمدُ بنُ محمدٍ القاضي، قال: حدَّثنا أبو حذيفة (٢)، قال: حدَّثنا سفيان، عن ابن أبي ذئب، عن صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَن صلَّى على جِنازةٍ في المسجدِ فليس له أجرٌ".

واحتَجَّ مَن ذهَب مذهبَ مالكٍ بحديثِ صالح مولى التوأمة هذا، مع ما ذكَرنا من إنكارِ مَن أنكَر ذلك على عائشة.

وقال الآخرون: أما روايةُ أبي حذيفةَ عن الثوريِّ لهذا الحديث، وقولُه فيه: "فليس له أجرٌ"، فخطأٌ إشكالَ فيه، ولم يقلْ أحدٌ في هذا الحديث ما قاله أبو حُذيفة. قالوا: والصحيحُ في هذا الحديث ما قاله يحيى القطّان -مع ثِقَتِهِ وحفظِهِ وأمانتِه (٣) - وسائرُ رواة هذا الحديث، عن ابنِ أبي ذئبٍ بإسنادِه، عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وذلك قولُه: "مَن صلَّى على جنازةٍ في المسجدِ فلا شيءَ له". هذا هو الصحيحُ في هذا الحديث.


(١) في الجعديات (٢٧٦٤)، وهو عند عبد الرزاق في مصنّفه ٣/ ٥٢٦ (٦٥٧٩) من معمر بن راشد وسفيان الثوري، به.
(٢) هو موسى بن مسعود، أبو حذيفة النَّهدي، وهو صدوق حسن الحديث، قال أبو حاتم: "صدوق معروفٌ بالثوري، ولكن كان يُصحِّف، روى عن سفيان بضعة عشر ألف حديث، وفي بعضها شيء" وما تفرَّد به في هذه الرواية بقوله: "فليس له أجر" هو من بعض أخطائه، على ما سيذكر المصنِّف قريبًا. وقال ابن معين في تاريخه رواية ابن محرز، ص ٧٨ وقد قال له: إن بُندارًا يقع فيه، قال: هو خير من بندار ومن ملء الأرض مثله. ينظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ٨/ ١٦٣ (٧٢٣)، وتحرير التقريب (٧٠١٠).
وصالح شيخ عبد الرحمن بن أبي ذئب المذكور في الإسناد: هو ابن نبهان المدني، مولى التوأمة، الذي عليه مدار هذا الحديث، سيأتي بعد قليل كلام المصنّف عليه.
(٣) قوله: "مع ثقته وحفظه وأمانته" من د ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>