للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: ومعنى قولِه: "لا شيءَ له"، يريد: لا شيءَ عليه. قالوا: وهذا فصيحٌ معروفٌ في لسان العرب، قال اللَّهُ عزَّ وجلَّ: {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء: ٧]. بمعنى: فعليها، ومثلُه كثير.

قالوا: وصالحٌ مولى التوأمة، من أهلِ العلم بالحديث مَن لا يقبلُ شيئًا من حديثه لضعفِه، ومنهم مَن يقبلُ من حديثه ما رواه ابنُ أبي ذئبٍ عنه خاصّة؛ لانَّه سمع منه قبلَ الاختلاط، ولا خلافَ أنه اختلَط فكان لا يَضبِطُ ولا يَعرِفُ ما يأتي به، ومثل ما يأتي به ومثلُ هذا ليس بحُجةٍ فيما انفرَد به، وليس يُعرَفُ هذا الحديثُ من غيرِ روايتِه ألبتّةَ، فإن صحَّ فمعناه ما ذكَرْنا، وباللَّه توفيقُنا.

حدَّثنا عبدُ الوارثِ بنُ سفيان، قال: حدَّثنا قاسمُ بنُ أصبغَ، قال: حدَّثنا أحمدُ بنُ زهير، قال (١): حدَّثنا إبراهيمُ بنُ عَرعَرة، قال: حدَّثنا سفيانُ بنُ عيينةَ، قال: لَقينا صالحًا مولى التّوأمة وهو مختلِط.

قال أبو عُمر: حديثُ عائشةَ صحيح، نقَله الثِّقاتُ من وجهين صحيحَين، وحديثُ أبي هريرة انفردَ به صالحُ بنُ أبي صالح مولى التوأمة، وليس بحجةٍ لضعفِه، ولو صحَّ حديثُه لم يكن فيه حجَّةٌ؛ للتأويل الذي ذكَرنا، وعلى هذا التأويل لا يكونُ مُعارِضًا لحديثِ عائشة، وهو أوْلى ما حُملَت عليه الأحاديث؛ لئلا تَتعارضَ وتتضادّ. ويَدُلُّ على صحةِ ذلك أنَّ أبا بكرٍ صلَّى عليه عمرُ في المسجد، وصلَّى صُهَيبٌ على عمرَ في المسجد (٢) بمَحضَرِ جلَّةِ الصَّحابة من غيرِ نكيرٍ منهم، وليس مَن أنكَر ذلك بعدَهم بحجَّةٍ عليهم، فصار بما ذكَرْنا سنّةً يعملُ بها قديمًا، فلا يجوزُ مخالفتُها، وباللَّه التوفيق.


(١) في تاريخه الكبير، السفر الثالث: ٢/ ٢٢٦ - ٢٢٧ (٢٥٨٩)، وعنه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ٤/ ٤١٧.
(٢) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف ٣/ ٤٧١ (٦٣٦٤)، وابن سعد في الطبقات الكبرى ٣/ ٢٧٠ و ٣٦٨ من طريق معمر عن الزُّهري.

<<  <  ج: ص:  >  >>