للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا اختلافَ الفقهاءِ في صيامِ يومِ الشكِّ على أنّه من رمضانَ، بأتمَّ من ذِكْرِ ذلك هاهنا، لأنّ ذلك الموضعَ أولى به؛ لقول النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في حديث ابن عمر: "فاقدُروا له".

واختلف العلماءُ في صومِ آخرِ يومٍ من شعبانَ تطوُّعًا؛ فأجازَه مالكٌ وأصحابُه، والشافعيُّ وأصحابُه، وأبو حنيفةَ وأصحابُه، وأكثرُ الفقهاء، إذا كان تطوُّعًا ولم يكنْ خوفًا ولا احتياطًا أن يكونَ من رمضانَ، ولا يجوزُ عندَهم صومُه على الشَّكِّ.

قال مالكٌ: إن تُيقِّنَ أنّه من شعبانَ جاز صومُه تطوُّعًا. وهو قولُ الشافعيِّ.

وقال أبو حنيفةَ: لا يُصامُ يومُ الشكِّ إلّا تطوُّعًا.

وقال الثوريُّ: لا يُتلوَّمُ (١) يومُ الشكِّ، ولا يصومُ أحدٌ يومَ الشَّكِّ. وسيأتي القولُ فيمن صامَه على الشَّكِّ؛ هل يُجزئُه من رمضانَ؟ عند قوله: "فاقْدُروا له" في باب نافعٍ، إن شاء الله.

وقال بعضُ أهل العلم من أهل الحديث: إنّه لا يجوزُ صيامُ يومين قبلَ رمضانَ من آخر شعبانَ، إلّا لمن كان له عادةُ صيام شعبانَ. واحتجُّوا بحديثِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا يَتَقَدَّم أحدُكم رمضانَ بيومٍ ولا يومين، إلّا أن يكونَ صومًا كان يصومُه أحدُكم، فليُتِمَّ صومَه". رواه يحيى بن أبي كثيرٍ (٢) ومحمدُ بن عمرٍو (٣)، عن أبي سلمةَ، عن أبي هريرةَ، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. قالوا: وفي قوله: "ولا يومين" دليلٌ على أن ذلك تطوُّعٌ؛ لأنّه لا يجوزُ أن يكونَ الشكُّ في يومين.


(١) يتلوم: يُنتظر.
(٢) أخرجه البخاري (١٩١٤)، ومسلم (١٠٨٢) (٢١).
(٣) حديث صحيح، فهو من صحيح حديث محمد بن عمرو بن علقمة.
أخرجه أحمد ١٦/ ٢٧٨ (١٠٤٥١)، والترمذي (٦٨٤)، والدارقطني (٢١٦٠) و (٢١٦١)، والطحاوي في مشكل الآثار (٣٣٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>