للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من تقديم الكفارةِ قبلَ الحِنْثِ معَ كثرةِ الروايةِ بذلك. والحُجّةُ في السُّنة، ومن خالَفها محجوجٌ بها، واللَّهُ المستعان.

وأمّا الأَيْمانُ؛ فمنها ما يُكفَّرُ بإجماع، ومنها ما لا كفّارةَ فيه بإجماع، ومنها ما اختُلف في الكفّارة فيه؛ فأما التي فيها الكفّارة بإجماع من علماءِ المسلمين، فهي اليمينُ باللَّه على المستقبَل من الأفعال؛ وهي تنقسمُ قسمين:

أحدُهما: أن يحلفَ باللَّه لَيفعَلَنَّ، ثم لا يفعَلُ.

والآخر: أن يحلفَ ألَّا يفعَلَ في المستقبل أيضًا، ثم يفعَلَ.

وأمّا التي لا كفّارةَ فيها بإجماع فاللغوُ، إلا أنَّ العلماءَ اختَلفوا في مرادِ اللَّه من لغوِ اليمينِ التي لا يؤاخِذُ اللَّهُ عبادَه بها ولم يُوجِبِ الكفّارةَ فيها؛ فقال قوم: هو أن يحلِفَ الرجلُ على الماضي في الشيء، يظنُّ أكثرَ ظنِّه أنه كما حلَف عليه، وأنه صادقٌ في يمينِه، ثم ينكشفُ له بخلافِ ذلك. هذا قولٌ رُوِيَ معناه عن جماعةٍ من السلف:

أخبرنا عبدُ الوارث (١)، قال: حدَّثنا قاسمٌ، قال: حدَّثنا ابنُ وَضّاح، قال: حدَّثنا دُحَيْم، قال: حدَّثنا عبدُ اللَّه بنُ نافع، قال: حدَّثنا أبو مَعشَر، عن محمدِ بنِ قيس، عن أبي هريرة، قال: إذا حلَف الرجلُ على الشيءِ لا يظنُّ إلا أنه إيّاه، فإذا ليس هو، فهو اللَّغوُ، وليس فيه كفّارة (٢).


(١) هو عبد الوارث بن سفيان بن جبرون، وقاسم: هو ابن أصبغ البياني، وابن وضّاح: هو محمد بن وضّاح بن بزيع.
(٢) أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره ٤/ ٤٣٢ عن يونس بن عبد الأعلى عن عبد اللَّه بن نافع المدنيّ المخزومي، به. وإسناده ضعيف لضعف أبي معشر: وهو نجيح بن عبد الرحمن السِّندي، وباقي رجال إسناده ثقات. دُحيم: هو عبد الرحمن بن إبراهيم بن عمرو العثماني، ومحمد بن قيس: هو المدنيّ القاصّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>