للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما التي اختُلف في الكفّارة فيها، فهي اليمينُ الغَموسُ، وهي: أنْ يحلِفَ الرجلُ على الشيء الماضي وهو يعلمُ أنه كاذبٌ في يمينِه، يتعمَّدُ ذلك (١)؛ فذهَب الأكثرُ من العلماء إلى أنْ لا كفّارةَ فيها على ما ذكَرنا في باب العلاءِ من كتابِنا هذا (٢).

وذهَب قومٌ -منهم الشافعيُّ والأوزاعيُّ (٣) - إلى أنَّ فيها الكفّارةَ. وقال ابنُ خَوَيْزمَنْداد حاكيًا عن أصحابِ مالكٍ ومذهبِه: الأيمانُ عندَنا ثلاثة؛ لغوٌ، وغَموسٌ لا كفّارةَ فيهما، ويمينٌ معقودةٌ فيما يُستقبَلُ، فيها الاستثناءُ والكفّارة. قال: وصفةُ اللَّغوِ أنْ يحلِفَ الرجلُ على الماضي أو الحالِ في الشيءِ يظنُّ أنه صادق، ثم ينكشِفُ له بخلافِ ذلك، فلا كفّارةَ عليه.

قال: والغَموسُ هو: أن يعمِدَ للكذبِ في يمينِه على الماضي. قال: ولا لغوَ في عتقٍ ولا طلاق، وإنما اللغوُ في اليمينِ باللَّه، وفيها الاستثناء. قال: وقال أبو حنيفة والثوريُّ والليثُ والطبريُّ بقولنا؛ أنْ لا كفارةَ في الغَموس. قال: وقال الأوزاعيُّ والشافعيُّ: في الغموسِ الكفّارةُ (٤).

وقال الشافعيُّ: اللَّغوُ: سبقُ اللسانِ باليمينِ من غيرِ قصدٍ ولا اعتقادٍ، وذلك سواءٌ في الماضي والمستقبَل. قال الشافعيُّ: ولو عقَد اليمينَ على شيءٍ يظنُّه


(١) في الأصل: "فتعمد"، والمثبت من بقية النسخ.
(٢) في أثناء شرح الحديث التاسع له، هو العلاء بن عبد الرحمن، وحديثه في الموطأ ٢/ ٢٧٠ (٢١٢٩)، وقد سلف في موضعه.
(٣) ينظر: الأمّ للشافعي ٧/ ٦٦، ومختصر المُزني ٨/ ٣٩٨، ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٣/ ٢٣٦.
(٤) ينظر: التلقين في الفقه المالكي لعبد الوهّاب بن علي البغدادي المالكي ١/ ٩٩، والذخيرة للقرافي ٤/ ١٥، والقوانين الفقهية لأبي القاسم محمد بن أحمد ابن جزي الكلبي الغرناطي، ص ١٠٧، ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٣/ ٢٣٥ - ٢٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>