للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صِدقًا، فانكشَفَ له خلافُ ذلك، فإنَّ عليه الكفّارةَ، وسواءٌ في ذلك الماضي والمستقبَل (١).

قال أبو عُمر: اختلافُ السلفِ في اللغوِ على أربعةِ أقاويل:

أحدُها: قولُ مالكٍ ومَنْ قال بقوله في الرَّجل يحلِفُ على الشيءِ يرَى أنّه كذلك وليسَ كذلك، على ما تَقَدَّم.

وقال بعضهم: هي اليمينُ في الغَضَب.

وقال بعضُهم: هي اليمينُ في المَعْصية.

وقال بعضُهم: هو قولُ الرجل: لا واللَّه، وبلى واللَّه من غيرِ اعتقادِ يمين، وهو قولُ عائشةَ وابنِ عباس في رواية، وإليه ذهَب الشافعيّ. وقال الثوريُّ في "جامعه" -وذكَره المَرْوزيُّ (٢) عنه أيضًا-: قال سفيانُ الثوريُّ: الأيمانُ أربعةٌ؛ يمينان تُكفَّران، وهو أن يقولَ الرجل: واللَّه لا أفعَلُ فيفعَلُ، أو يقول: واللَّه لأفعَلَنَّ ثم لا يفعَلُ. ويمينان لا تُكفَّران؛ أن يقول: واللَّه ما فعَلتُ، وقد فعَل، أو يقول: واللَّه لقد فعَلتُ، وما فعَل.

قال المَرْوَزيُّ: أمّا اليمينان الأولتان، فلا اختلافَ فيهما بينَ العلماء أنه على ما قال سفيانُ، وأما اليمينان الآخرتان، فقد اختَلف أهلُ العلم فيهما؛ فإنْ كان الحالفُ على أنه لم يفعَلْ كذا وكذا، أو أنه قد فعَل كذا وكذا، عندَ نفسِه صادقًا يرى أنه على ما حلَف عليه -فلا أثمَ عليه (٣) في قول مالك، وسفيان، وأصحاب الرأي. وكذلك قال أحمدُ، وأبو عبيد، وأبو ثور. وقال الشافعيُّ: لا إثمَ عليه، وعليه الكفّارةُ. قال المَرْوَزيُّ: وليس قولُ الشافعيِّ في هذا بالقويّ.


(١) نصَّ على معنى ذلك في الأمّ ٧/ ٢٥٧، وينظر: مختصر المزني ٨/ ٣٩٨.
(٢) في اختلاف العلماء له، ص ٤٧٨.
(٣) وقع بعده في اختلاف العلماء للمروزي، ص ٤٧٨: "ولا كفّارة".

<<  <  ج: ص:  >  >>