للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أحدُها: أنه أراد بذكرِ المالِ هاهنا الحيوانَ من مِلك اليمين؛ أن يُحسَنَ إليهم، ولا يُضَيَّعون فيهلِكون. وهذا قولٌ رواه السَّرِيُّ بنُ إسماعيل، عن الشعبيّ (١). واحتجَّ مَن ذهَب هذا المذهبَ بحديث أنس (٢) وأمِّ سَلَمة (٣)، أنَّ عامّةَ وصيةِ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حينَ حضَرته الوفاةُ كانت قولَه: "الصَّلاةَ الصَّلاةَ وما ملَكت أيمانُكم".

والقولُ الثاني: إضاعةُ المالِ تَرْكُ إصلاحِه والنظرُ فيه وكسبِه. واحتجَّ مَن قال هذا بقولِ قيسِ بنِ عاصم لبَنيهِ حينَ حضَرته الوفاةُ: يا بَنيَّ، عليكم بالمالِ واصطناعِه، فإنَّ فيه منبَهةً للكريم (٤)، ويُستغنَى به عن اللئيم (٥). وبقول عَمْرِو بنِ


(١) إنما يروى من قول السَّرِيِّ بن إسماعيل وقع مدرجًا في سياق حديث أخرجه يعقوب بن سفيان الفسَويّ في حديثه (١٦٧)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار ٨/ ٢٢٣ (٣١٩٨) من طريق فيض بن الفضل السُّحَيميّ عن السّريّ بن إسماعيل، عن عامر بن شراحيل الشعبي عن مسروق بن الأجدع عن عبد اللَّه بن مسعود رضي اللَّه عنه، وفيه قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وانهَهُم عن قيل وقال، وإضاعةَ المال": قال السَّريُّ: المالُ: الحيوانُ مَن مَلَك منه شيئًا، فليُحْسِن إليه، ومَن كرِهَه فلْيَبع. "وانهَهُم عن عقوق الأمّهات، ومَنعْ وهات، ووأْدِ البنات". وإسناده ضعيف جدًّا، لأجل السّريّ بن إسماعيل: وهو الهمداني الكوفي ابن عمّ الشعبي، فهو متروك الحديث.
(٢) أخرجه أحمد في المسند ١٩/ ٢٠٩ (١٢١٦٩)، وابن ماجة (٢٦٩٧)، والنسائي في الكبرى ٦/ ٣٨٧ بإسناد صحيح من طريق قتادة بن دعامة عنه رضي اللَّه عنه.
(٣) أخرجه أحمد في المسند ٨٤/ ٤٤ (٢٦٤٨٣)، وابن ماجة (١٦٢٥)، والنسائي في الكبرى ٦/ ٣٨٨ (٧٠٦٠) من طريق قتادة عن سفينة مولى أمّ سلمة عنها رضي اللَّه عنها، وإسناده ضعيف لانقطاعه، قتادة لم يسمع من سفينة فيما قال النسائي عقب الحديث (٧٠٦١).
(٤) قوله: "فيه منْبَهة للكريم" أي: مشرفة ومعْلاةٌ، يُقال: نَبُه يَنْبُهُ: إذا صار نبيهًا شريفًا. ينظر: غريب الحديث لابن الجوزي ٢/ ٣٨٨.
(٥) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف ١١/ ٩٥ (٢٠٠٢٤)، وابن سعد في الطبقات الكبرى ٧/ ٣٦، والبخاري في الأدب المفرد (٣٦١)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني ٢/ ٣٧٧ (١١٦٣)، والبزار كما في كشف الأستار ٢/ ١٣٧ (١٣٧٨)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار ٨/ ٢٢٨ بإثر (٣٢٠٣) من طرق عن قتادة بن دعامة، عن مطرّف بن عبد اللَّه بن الشِّخير، عن حكيم بن قيس بن عاصم المنقري عن أبيه، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>