للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سِوى القتل في سبيل اللَّه؛ المطعونُ، والغَرِقُ، وصاحبُ ذات الجَنْب، والمبطونُ، والحَرِقُ، والذي يموتُ تحتَ الهدْم، والمرأةُ تموتُ بجُمْع". يعني: كلُّهم شهيدٌ.

وقد تقدَّم تفسيرُ معاني هذا الباب مُمهَّدًا في بابِ عبدِ اللَّه بن جابرٍ (١) من هذا الكتاب فلا وجهَ لإعادةِ ذلك هاهنا، والحمدُ للَّه.

وفي هذا الحديث أيضًا: فضلُ النداءِ، وهو الأذانُ، وفضلُ الصفِّ الأول، وفضلُ البُكُور بالهاجرةِ إلى الصلاةِ في المسجدِ في الجمُعةِ وغيرِها، ولا أعلمُ خلافًا بين العلماءِ أنّ مَن بكَّر وانتظَر الصلاة -وإن لم يُصَلِّ في الصفِّ الأول- أفضلُ ممن تأخَّر ثم تخطَّى إلى الصفِّ الأول، وفي هذا ما يُوضِّحُ لك معنى فضل الصفِّ الأول أنَّه ورَد من أجلِ البُكُور إليه والتقدُّم -واللَّهُ أعلم- وفضْل شهودِ العَتَمة والصُّبح في جماعة، وقد مضَت هذه المعاني مكرَّرةً في غيرِ موضع من كتابِنا هذا، فلا معنى لتكريرِها بعدُ هاهنا.

وفي هذا الحديثِ أيضًا: جوازُ تسميةِ العِشاءِ بالعَتَمة، وهو موضعُ اختلافٍ بينَ أهلِ العلم، فمَن كرِهَ ذلك احتجَّ بأنّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ سمّاها العِشاءَ بقوله: {وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ} [النور: ٥٨]، واحتُجَّ أيضًا بحديثِ أبي سَلَمة، عن ابنِ عمر، عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنَّه قال: "لا تَغلِبنَّكم الأعرابُ على اسم صلاتِكم هذه، إنما هي العِشاءُ، وإنما يُسمُّونها العَتَمة لأنهم يُعتِمون بالإبل" (٢). ومَن أجازَ


(١) في الأصل: "جبر".
(٢) أخرجه الشافعيُّ في الأمّ ١/ ٩٢ - ٩٣، وأحمد في المسند ٨/ ١٧٩ (٤٥٧٢) كلاهما عن سفيان بن عيينة، عن عبد اللَّه بن أبي لبيد، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، به.
وأخرجه مسلم (٦٤٤) (٢٢٨)، وأبو داود (٤٩٨٤) من طريقين عن سفيان بن عيينة، به. وقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يُعْتِمون بالإبل" أي: يدخلون في العَتَمة -وهي ظُلمة الليل- يعني يؤخِّرون حلْبَ الإبل إلى شدّة الظلام، فيُسمُّون الصلاة باسم وقتِ الحِلاب. وإنما اسمُها في كتاب اللَّه العشاء. ينظر: معالم السُّنن للخطابي ٤/ ١٣٢، وعون المعبود للعظيم آبادي ١٣/ ٢٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>