للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تسميةَ العشاءِ بالعَتَمة، فحُجَّتُه حديثُ سُمَيٍّ المذكورُ في هذا الباب، واللَّهُ الموفِّقُ للصواب.

وأما قولُه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لو يعلمُ الناسُ ما في النداءِ والصفِّ الأول ثم لم يجدُوا إلا أن يَستهِموا عليه لاستَهَموا"، فإنما أراد: الاستهامَ على الصفِّ الأول لا على الأذان، وعليه رجَع الضميرُ في "عليه".

وقال ابنُ حبيب: إنما ذلك في الموضع الذي لا يُؤذِّنُ فيه إلا واحدٌ، كالمغرب والجمُعة، مع كثرةِ المؤذِّنين.

قال أبو عُمر: يحُضُّهم على ذلك لئلا يُزهَدَ في الأذان، فتبطُلَ السُّنةُ فيه بالتواكُلِ وقلَّةِ الرغبة، وقد روَى أبو حمزةَ السُّكَّريُّ، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الإمامُ ضامنٌ، والمؤذِّنُ مؤتَمَنٌ، اللهمَّ أرْشِدِ الأئمّةَ، واغفِرْ للمؤذِّنين"، قالوا: يا رسولَ اللَّه، لقد تَركْتَنا بعدَكَ نتَنافَسُ في الأذان، فقال: "إنّ بعْدَكُم قومًا سفِلتهُم مؤذِّنوهُم" (١). وهذا حديثٌ انفردَ به أبو حمزةَ هذا، وليس بالقويِّ (٢)، وباللَّه التوفيق (٣).


(١) أخرجه البزار في مسنده ١٦/ ١٥٩ (٩٢٦٦)، والبيهقيُّ في الكبرى ١/ ٤٣٠ (٢١٠٤) من طريقين عن أبي حمزة السُّكريِّ، به. ورجال إسناده ثقات. أبو حمزة السُّكريُّ: هو محمد بن ميمون المروزيُّ، ثقة فاضل كما في التقريب (٦٣٤٨). وقد سلف تخريج هذا الحديث والكلام عليه في أثناء شرح الحديث الثاني لعبد الرحمن بن أبي صعصعة الأنصاري عن أبيه.
(٢) كذا قال عنه هنا، وسبق له أن وثَّقه وعتّابَ بن زياد، في الموضع المشار إليه في التعليق السابق بعد أن ساق هذا الحديث بإسناده، فقال: "وهذه الزيادة لا تجيء إلّا بهذا الإسناد، وهو إسنادٌ جيِّدٌ، رجاله ثقات معروفون، أبو حمزة السُّكريُّ وعتّاب بن زياد مروزيّان ثقتان، وسائر الإسناد يُستغنى عن ذكرهم لشُهرتهم". وينظر تتمة كلامه هناك.
(٣) جاء في حاشية الأصل: "بلغت المقابلة بحمد اللَّه وحسن عونه".

<<  <  ج: ص:  >  >>